[ 327 ] والسلاح عند من يتزين به لامن يقاتل به والرأى عند من يملكه 1 لامن ينصره. قال العاقب: لقد اسمعت يا حويرث فاقذعت 2 وطفقت فاقدمت فيه ؟ قال: 3 اقسم بالذى قامت به السماوات والارضون باذنه وغلبت الجبابرة بأمره انهما اسمان مشتقان لنفس واحدة، واحد لنبى وواحد رسول، واحد انذر به موسى بن عمران وبشر به عيسى بن مريم ومن قبلهما اشار به صحف ابراهيم عليه السلام، فتضاحك السيد، يرى قومه ومن حضرهم ان ضحكه هزؤ من حارثة وتعجب وانتشط العاقب من ذلك، فأقبل على حارثة مؤنبا 4، فقال: لا يغررك باطل أبى قرة فانه وان ضحك لك فانما يضحك منك. قال حارثة: لئن فعلها لأنها لاحدى الدهارس 5 أو سوء أفلم تتعرفا راجع الله بكما من موروث الحكمة لا ينبغى للحكيم ان يكون عباسا في غير ادب ولا ضحاكا في غير عجب أو لم يبلغكما عن سيد كما المسيح عليه السلام، قال: فضحك العالم في غير حينه غفلة من قلبه أو سكره ألهته عما في غده. قال السيد: يا حارثة انه لا يعيش والله احد بعقله حتى يعيش بظنه 6، وإذا أنا لم أعلم الا ما رويت فلا علمت أو لم يبلغك انت عن سيدنا المسيح علينا سلامه ان لله عبادا ضحكوا جهرا من سعة رحمة ربهم وبكوا سرا من خفية ربهم ؟ قال: إذا كان هذا فنعم، قال: فماهنا فليكن مراجم ظنونك بعباد ربك، وعدبنا الى ما نحن بسبيله، فقد طال التنازع والخصام بيننا يا حارثة، قالوا: وكان هذا مجلسا ثالثا في يوم ثالث من اجتماعهم للنظر في أمرهم. ________________________________________ 1 - يهلكه (خ ل). 2 - اقذعه: رماه بافحش وسوء القول. 3 - يعنى حارثة. 4 - انبه: عنفه ولامه. 5 - دهرس: الداهية والحنفة والنشاط. 6 - أي التعيش بالظنون الفاسدة اكثر من التعيش بالعقل، وهذا كناية ان هكذا الكلام صادر من الظن الفاسد، ومراده ان ضحكه لم يكن عبثا. ________________________________________