[ 324 ] قال العاقب: افلح من سلم للحق وصدع به ولم يرغب عنه وقد احاط به علما، فقد علمنا وعلمت من ابناء الكتب المستودعة علم القرون وما كان وما يكون، فانها استهلت بلسان كل امة منهم معربة مبشرة ومنذرة بأحمد النبي، العاقب الذى تطبق امته المشارق والمغارب يملك وشيعته من بعده ملكا مؤجلا يستأثر 1 مقتبلهم 2 ملكا على الاحم 3 منهم بذلك النبي وتباعة وسيما، ويوسع من بعدهم امتهم عدوانا وهضما، فيملكون بذلك سبتا 4 طويلا حتى لا يبقى تجزيرة العرب بيت الا وهو راغب إليهم أو راهب لهم. ثم بدال بعد لأى منهم ويشعث 5 سلطانهم حدا حدا وبيتا فبيتا، حتى تجيى امثال النعف 6 من الاقوام فيهم، ثم يملك أمرهم عليهم عبداؤهم وقنهم، يملكون جيلا فجيلا، يسيرون في الناس بالقعسرية 7 خبطا 8 خبطا، ويكون سلطانهم سلطانا عضوضا ضروسا، فتنقص الأرض حينئذ من اطرافها ويشتد البلاء وتشتمل الافات حتى يكون الموت اعز من الحياة الحمراء 9، أو احب حينئذ الى احدهم من الحياة 10، وما ذلك الا لما يدهنون به من الضر والضراء والفتنة العشواء وقوام الدين يومئذ وزعماؤهم يومئذ اناس ليسوا من أهله، فمج 11 الدين بهم وتعفو آياته ويدبر توليا وامحاقا، فلا يبقى منه الا اسمه حتى ينعاه ناعيه والمؤمن يومئذ غريب والديانون قليل ماهم، حتى يستأنس الناس من روح الله وفرجه الا اقلهم، وتظن اقوام ان لن ينصر الله رسله ويحق وعده. ________________________________________ 1 - الاستيثار: الاستبداد. 2 - اقتبل امره: استأنفه، اقتبل الخطبة: ارتجلها. 3 - أي اقربهم. 4 - سبتا: دهرا. 5 - يشعث: يتفرق. 6 - النعف: الدود الذى في انوف الابل والغنم. 7 - بالقهرية (خ ل)، اقول: القعسرية: الصلابة. 8 - الخبط: الجماعة. 9 - الحمراء: الشديدة. 10 - من الحبوة الى المعافاة السليم، حبوة التسليم (خ ل). 12 - فمج (خ ل). ________________________________________