[ 323 ] ورأبت قلوبا نغلة 1، فدع عنك ما يسبق الى القلوب انكاره، وان كان عندك ما يبين اعتذاره. ثم اعلم ان لكل شئ صورة، وصورة الانسان العقل، وصورة العقل الأدب، والأدب ادبان: طباعي ومرتاضى، فأفضلها ادب الله جل جلاله، ومن ادب الله سبحانه وحكمته أن يرى لسلطانه حق ليس لشئ من خلقه، لأنه الحبل بين الله وبين عباده، والسلطان اثنان: سلطان ملكة وقهر، وسلطان حكمة وشرع، فاعلاهما فوقا سلطان الحكمة قد ترى يا هذا ان الله عز وجل قد صنع لنا حتى جعلنا حكاما وقواما على ملوك ملتنا من بعدهم من حشوتهم 2 واطرافهم، فاعرف لذى الحق حقه، ايها المرء وخلاك ذم 3 ثم قال: وذكرت اخا قريش وما جاء به من الايات والنذر، فأطلت وأعرضت ولقد برزت، فنحن بمحمد وبه جدا موقنون، شهدت لقد انتظمت له الايات والبينات، سالفها وآنفها، الا انه هي اشفاها 4 واشرفها، وانما مثلها فيما جاء به كمثل الرأس للجسد، فما حال جسد لا رأس له، فأمهل رويدا، نتجسس الاخبار ونعتبر الاثار ولنستشف ما الفينا مما افضى الينا، فان انسنا الاية الجامعة لديه، فنحن إليه أسرع وله اطوع، والا فاعلم ما نذكر به النبوة والسفارة عن الرب الذى لا تفاوت في أمره ولا تغاير في حكمه. قال له حارثة: قد ناديت فاسمعت، وفزعت فصدعت، وسمعت واطعت، فما هذه الاية التى اوحش بعد الانسة فقدها، واعقب الشك بعد البينة عدمها، وقال له العاقب: قد اثلجك أبو قرة بها فذهبت عنها في غير مذهب وجاورتها فاطلت في غير ما طائل وحاورتنا 5، قال حارثة، الى ذلك فجلها الان لى فداك ألى وامى. ________________________________________ 1 - نغلة: فاسدة. 2 - حشوتهم: رذالهم. 3 - أي اعذرت وسقط عنك الغم. 4 - اثفاها، اسفاها (خ ل). 5 - حاورتنا فاطلت في غير ما طائل وجوازنا (خ ل). (*) ________________________________________