[ 322 ] لم يقصد الى من السبيل التى نهجتها برسلى لم يزدد في عبادته منى الا بعدا. قال العاقب: رويدك 1 فاشهد لقد نبأت حقا، قال حارثة: فما دون الحق من مقنع وما بعده لامرى مفزع، ولذلك قلت الذى قلت، فاعترضه السيد وكان ذا محال 2 وجدال شديد، فقال: ما احرى 3 وما أرى أخا قريش 4 مرسلا الا الى قومه بنى اسماعيل دينه، وهو مع ذلك يزعم ان الله عز وجل ارسله الى الناس جميعا. قال حارثة: أفتعلم أنت يا ابا قرة ان محمدا مرسل من ربه الى قومه خاصة ؟ قال: أجل، قال: أتشهد له بذلك ؟ قال: ويحك وهل يستطاع دفع الشواهد، نعم اشهد غير مرتاب بذلك، وبذلك شهدت له الصحف الدراسة والأنباء الخالية. فأطرق حارثة ضاحكا ينكت الأرض بسبابته، قال السيد: ما يضحك يابن اثال ؟ قال: عجبت فضحكت، قال: أو عجب ما تسمع ؟ قال: نعم العجب أجمع، أليس بالاله بعجيب من رجل أوتى اثرة من علم وحكمة، يزعم ان الله عز وجل اصطفى لنبوته واختص برسالته وأيد بروحه وحكمته رجلا خراصا يكذب عليه ويقول: أوحى الى ولم يوح إليه، فيخلط كالكاهن كذبا بصدق وباطلا بحق. فارتدع السيد وعلم انه قد وهل 5 فأمسك محجوبا قالوا: وكان حارثة بنجران حثيثا 6، فأقبل عليه العاقب وقد قطعه ما فرط الى السيد من قوله، فقال له: عليك 7 اخا بنى قيس بن ثعلبة، واحبس عليك ذلق لسانك وما لم تزل تستحم 8 لنا من مثابة سفهك، فرب كلمة (يرفع صاحبها بها رأسا، قد القته في قعر مظلمة، ورب كلمة لامت 9 ________________________________________ 1 - رويدك: أمهل. 2 - المحال الكيد والمكر. 3 - الاحرى: الأولى والأجدر. 4 - أي محمد صلى الله عليه وآله. 5 - وهل: فزع. 6 - حثيثا: غريبا - كذا في هامش الأصل. 7 - أي امسك. 8 - حم البئر والبيت: كبسها. 9 - لامت: اصلحت. ________________________________________