[ 317 ] فصل عليه فانى وملائكتي نصلى عليه. قال: فما أتى حارثة بن اثال على قوله هذا حتى اظلم بالسيد والعاقب مكانهما، وكرها ما قام به في الناس معربا ومخبرا عن المسيح عليه السلام بما اخبر وقدم من ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهما كانا قد أصابا بمواضعهما من دينهما شرفا بنجران ووجها عند ملوك النصرانية جميعا، وكذلك عند سوقتهم وعربهم في البلاد، فاشفقا ان يكون ذلك سببا لا نصراف قومها عن طاعتهما لدينهما وفسخا لمنزلتهما في الناس. فأقبل العاقب على حارث فقال: امسك عليك ياحار، فان راد هذا الكلام عليك اكثر من قابله، ورب قول يكون بلية على قائله، وللقلوب نفرات عند الاصداع 1 بمظنون الحكمة، فاتق نفورها، فلكل نبأ اهل، ولكل خطب محل، وانما الدرك 2 ما اخذ لك بمواضى النجاة، وألبسك جنة السلامة، فلا تعدلن بهما حظا، فانى لم آلك لا أبا لك نصحا ثم ارم 3. فأونحب السيد ان يشرك العاقب في كلامه، فأقبل على حارثة فقال: انى لم أزل أتعرف لك فضلا تميل اليك الالباب، فاياك ان تقعد مطية اللجاج، وان توجف الى السراب 4، فمن عذر بذلك فلست فيه ايها المرء بمعذور، وقد اغفلك أبو واثلة، وهو ولى أمرنا وسيد حضرنا عتابا فأوله 5 اعتبارا 6. ثم تعلم ان ناجم 7 قريش يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله يكون رزؤه 8 قليلا، ثم ينقطع ويخلو، ان بعد ذلك قرن يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان والسيف والسلطان، يملك ملكا مؤجلا، تطبق فيه امته المشارق والمغارب، ومن ذريته الأمير ________________________________________ 1 - الصدع: الشق، صدع بالأمر: تظلم به جهارا. 2 - الدرك: اللحاق والوصول. 3 - ارم القوم: سكتوا. 4 - الال والسراب (خ ل)، الال الذى تراه اول النهار وآخره يرفع الشخوص وليس بالسراب. 5 - اوله: اعطه. 6 - اعتابا (خ ل). 7 - ناجم قريش أي الرجل الظاهر منهم، من نجم الشئ إذا اظهر. 8 - الرزء: المصيبة. ________________________________________