[ 316 ] تتهافت دخولا في دينكم، ثم لتعظمن بيعتكم هذه، ولتشرفن، حتى تصير كالكعبة المحجوجة 1 بتهامة، هذا الرأى فانتهزوه 2، فلا رأى لكم بعده. فاعجب القوم كلام جهيربن سراقة، ووقع منهم كل موقع، فكاد أن يتفرقوا على العمل به، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بنى قيس بن ثعلبة، يدعى حارثة بن اثال على دين المسيح عليه السلام، فقام حارثة على قدميه واقبل على جهير، وقال متمثلا: متى ماتقد بالباطل الحق بابه * وان قلت بالحق الرواسى ينقد إذا ما أتيت الأمر من غير بابه * ضللت وان تقصد الى الباب تهتد ثم استقبل السيد والعاقب والقسيسين والرهبان وكافة نصارى نجران بوجهه لم تخلط معهم غيرهم، فقال 3: سمعا سمعا يا ابناء الحكمة وبقايا حملة الحجة، ان السعيد والله من نفعته الموعظة ولم يعش 4 عن التذكرة، ألا وانى أنذركم واذكركم قول مسيح الله عز وجل - ثم شرح وصيته ونصه على وصيه شمعون بن يوحنا وما يحدث على امته من الافتراق. ثم ذكر عيسى عليه السلام وقال: ان الله جل جلاله أوحى إليه: فخذ يابن امتى كتابي بقوة ثم فسره لأهل سوريا بلسانهم، واخبرهم انى انا الله لا اله الا انا، الحى القيوم البديع الدائم الذى لا أحول ولا أزول، انى بعثت رسلي ونزلت كتبي رحمة ونورا عصمة لخلقي، ثم انى باعث بذلك نجيب رسالتي، احمد صفوتي من بريتى البار قليطا عبدى ارسله في خلو من الزمان، ابعثه بمولده فاران من مقام أبيه ابراهيم عليه السلام، انزل عليه توراة حديثة، افتح بها أعينا عميا، واذنا صما، وقلوبا غلفا 5، طوبى لمن شهد ايامه وسمع كلامه، فامن به واتبع النور الذى جاء به، فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النبي ________________________________________ 1 - حج: قصد. 2 - انتهزوه: اغتنموه. 3 - يعنى حارثة. 4 - عشوت الى النار: إذا استدللت إليها بسير ضعيف، وإذا صدرت عنه الى غيره قلت: عشوت عنه. 5 - الاغلف ج غلف: الذى لا يعى شيئا. ________________________________________