[ 6 ] فكيف تقع في الوسط ؟ - قلت: قد ضعف حكم التأنيث فيها لكونها بالواسطة فلا تأخذ حكمها، وإذا للمستقبل (1) كما ان إذ للماضي، ولما كان الموت محقق الوقوع جئ بصيغة الماضي، والموت ضد الحيوة (2) أو عدمها على اختلاف بينهم، والانتباه التيقظ وزوال الغفلة وفى ذكر النوم والموت والانتباه من صنعة مراعاة النظير والتضاد كما لا يخفى. المعنى ان جميع الناس نائمون نوم الغفلة عن أمور الاخرة ماداموا في الحياة الفانية والقوى المتناهية، فإذا ماتوا وصاروا أحياء بالحياة الباقية الدائمة تيقضوا وزالت غفلتهم ثم وقعوا في الندم على ما كانوا عليه من الاعمال الردية والاخلاق الدنية مع علمهم بأنه لا ينفع، فالاحرى والاجدر بكل (3) مؤمن ان يتنبه عن نومة الغفلة ويميت نفسه بقطع العوائق الدنيوية وخلع العلائق النفسانية ليصل الى مقام: موتوا قبل ان تموتوا، ويخلص عن الندم بعد الموت ويحى حيوة طيبة دائمة في جوار الرحمن، اللهم نبهنا من نومة الغافلين، واجعلنا من الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون (2). ________________________________________ (1) - في هامش الكتاب: " واصل إذا الجزم بوقوعه في اعتقاد المتكلم ولذلك عكس لفظ الماضي مع إذا لان الماضي أقرب الى القطع نظرا الى وضعه، منه ". (2) - قال في الهامش: " والموت ضد الحياة فحينئذ يكون عرضا موجودا مخلوقا لقوله تعالى: خلق الموت والحيوة، ورد بأن الخلق بمعنى التقدير والاعدام مقدرة ولو سلم فالمعنى خلق مصحح الحياة ومصحح الموت ولو سلم فأعدام الملكات مخلوقة لما لها من شائبة التحقيق، سعد الدين ". ________________________________________