[ 7 ] 3 - قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم. اقول: الناس مبتدء وأشبه خبره مع إفراده لالتزامهم الافراد مع التذكير في أفعل من، قوله: بزمانهم، متعلق بأشبه باعتبار الزيادة، وقوله: بآبائهم، متعلق به باعتبار الاصل فلا يرد عليه كون الشئ الواحد مفضلا ومفضلا عليه من جهة واحدة بل التفضيل راجع في الحقيقة الى مأخذ أفعل الفضيل فكأنه قال: شبه الناس بزمانهم أزيد وأكثر من شبههم بآبائهم. المعنى ان جميع الناس يوافقون الزمان أكثر موافقة ويشابهونه اشد مشابهة: حتى إذا رأوا أحد جعله الدهر ذا الجاه طيب الاحوال وكثير الاموال وصاحب الخدم والحشم مع كونه أدنى نسبا وحسبا وأقل علما وأدبا يعظمونه أشد تعظيم ويكرمونه أعظم تكريم ويحبونه أتم محبة ويودونه أكمل مودة، وان كان بينه وبين آبائهم عداوة ظاهرة ومخالفة بينة، وإذا رأوا أحدا على خلاف ذلك يحقرونه (1) كل الحقارة ويهينونه حق، الاهانة، وان كان بينه وبين آبائهم محبة قديمة ومودة مستديمة (2). ________________________________________ (1) - كذا في الاصل بتشديد القاف على انه من باب التفعيل وهو صحيح الا ان قرائته بصيغة المجرد ايضا صحيح وعليه قول من قال: " ان المعلم والطبيب كلاهما * لا ينصحان اذاهما لم يكرما " " فاصبر لدائك ان جفوت طبيبه * واقنع بجهلك ان حقرت معلما " (2) - وفى الهامش: " ويحتمل ان يكون المعنى ان الناس تشبهوا بالزمان في الاتيان بعكس المراد واظهار الفتنة والفساد وتركوا الاقتداء بآبائهم في المروة والاحسان كأنهم لم يخلقوا من مائهم وخرجوا من صلب الزمان الذى يعرف بالدور على خلاف المراد منه ". ________________________________________