[ 4 ] وههنا سؤال مشهور وهو ان ابراهيم عليه السلام أشار بقوله: ولكن ليطمئن قلبى، الى ان ايمانه يزداد ويتقوى بانضمام المعاينة، والمفهوم من هذا الكلام ان عليا رضى الله عنه لا يتقوى ايمانه بانضمامها وهذا يؤدى الى تفضيل الولى على النبي (1) عليه الصلوة والسلام. والجواب ان عليا رضى الله عنه قاله على وجه المبالغة لاعلى وجه التحقيق يعنى انه بالغ في اتصافه بحقيقة الايمان وكمال الاتقان وجعل ما حصل له من التقوى بتقدير المعاينة بمنزلة غير الحاصل. أو نقول: ان درجات السلوك متفاوتة (2) والمقامات غير منتاهية فلا يبعد ان يكون صدور هذا القول منه رضى الله عنه في زمان صارت الغيوب فيه كالشهود وهو المسمى في لسان اهل التصوف بأنه بالمكاشفة، وبأنه بالمشاهدة وصدور ماقاله عليه الصلوة والسلام ليس كذلك، ويمكن ان يقال: ان ما أثبت صلى الله عليه وسلم هو الطمأنينة والتقوى وما نفاه على رضى الله عنه هو الزيادة وهو أخص من التقوى (3) لان ازدياد العلم انما هو بازدياد المعلوم ولا كذلك تقويه فانه قد يكون بقوة أسبابه وكثرة مقتضياته، ونفى الاخص لا يوجب نفى الاعم فلا يلزم التفضيل. ________________________________________ (1) - هذا السؤال مبنى على افضلية الانبياء على الاوصياء على الاطلاق وليس هذا الاعتقاد بمرضى عند الشيعة ولاسيما متأخريهم فانهم قد أطبقوا على افضلية الائمة الاثنى عشر على الانبياء مطلقا ولا سيما أفضلية امير المؤمنين على عليه السلام فانه قد صار مسلما مفروغا عنه عندهم فالسؤال غير وارد على مبناهم حتى يحتاج الى الجواب (2) - في الهامش: " كما يقال مشاهدة الابرار بين التجلى والاستتار يعنى ان الخواص لا يدوم لهم التجلى بل هم بين كشف وستر، منه ". (3) - في الحاشية: " يعنى بحسب التحقيق والوجود لا بحسب الصدق والحمل فانهما متباينان بهذا الاعتبار لان الزيادة والنقصان من قبيل الكم والقوة والضعف من قبيل الكيف، فتأمل، منه ". ________________________________________