[ 23 ] القوى. ويقال: الاعتماد على قول الامراء كالاستناد على الماء الجارى، لعل وجه التشبيه هو انهم لا ينفكون عن الملالة والسأم في اغلب الليالى والايام لكثرة اشتغالهم بأمور الخلق ومصالح الانام، وفى بعض النسخ: لملوك، والظاهر انه سهو ومنشأه ما ذكر آنفا ووجه كونه سهوا هو ان الملك والامارة من حيث هو ليس علة للغدر بل باعتبار الملالة كما لا يخفى. 26 - قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: لا كرم أعز من التقوى. أقول: الكرم عموم النفع بالموجود بلاضنة ولامنة، وأعز أفعل من العز بمعنى القوة، أو من العزة بمعنى الغلبة والقهر، والتقوى جماع الخيرات، وحقيقة الاتقاء التحرز بطاعة الله تعالى عن عقوبته يقال: اتقى فلان بترسه، واصل التقوى اتقاء الشركة: ثم بعده اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعده اتقاء الشبهات، وثم بعده يدع (1) الفضلات، وقيل: التقوى على وجوه، للعامة تقوى الشرك، وللخواص تقوى المعاصي، وللاولياء تقوى التوسل بالافعال، وللانبياء تقواهم منه إليه، وقال الواسطي: التقوى ان يتقى تقواه اي من رؤيته تقواه كذا في الرسالة القشيرية (2). المعنى ان من اتصف بمراتب التقوى كان أفضل كرما وأعم نفعا، لان التقوى مجمع الخيرات واصل الطاعات ومدار الكرامات، قال الله تعالى: ان اكرمكم عند الله اتقاكم (3). ________________________________________ (1) - في الرسالة القشيرية: " تدع " (بتاء الخطاب). (2) - انظر باب التقوى من تلك الرسالة (ص 52 - 53 من النسخة المطبوعة بمصر سنة 1367). (3) - من آية 13 سورة الحجرات. ________________________________________