[ 239 ] الحكم الثالث - قوله عليه السلام (1): فتن كقطع الليل المظلم لا تقوم لها قائمة، ولا ترد لها راية، تأتيكم مزمومة مرحولة، يحفزها قائدها، ويجهدها راكبها، أهلها قوم أذلة عند المتكبرين، في الارض مجهولون، وفى السماء معروفون، فويل لك يا بصرة عند ذلك من جيش من نقم الله لارهج له ولا حسن وسيبتلى اهلك بالموت الاحمر والجوع الاغبر. ________________________________________ (1) - هو ايضا مروى في باب الخطب من نهج البلاغة قال ابن ميثم (ره) في شرحه (ص 254 من الطبعة الاولى): اقول: يحفزها يدفعها من خلف، والكلب الشر، والاذلة جمع ذيل، والرهج الغبار، والحس الصوت الخفى وقد نبه عليه السلام في هذا الفصل على ما سيقع بعده من الفتن ويخص منها فتنة صاحب الزنج بالبصرة وشبه تلك الفتن بقطع الليل المظلم ووجه الشبه ظاهر ولا تقوم لها قائمة اي لا يمكن مقابلتها بما يقومها ويدفعها وانما انث لكون القائمة في مقابلة الفتنة وقيل: لا تثبت لها قائمة فرس، واستعار لفظ الزمام والرحل والحفز والقائد والراكب وجهده لها ملاحظة لشبهها بالناقة وكنى بالزمام والرحل عن تمام اعداد الفتنة وتعنيتها كما ان كمال الناقة للركوب ان تكون مزمومة مرحولة، وبقائدها عن اعوانها، وبراكبها عن منشئها المتبوع فيها، وبحفزها وجهدها عن سرعتهم فيها، واهلها اشارة الى الزنج وظاهر شدة كلبهم وقلة سلبهم إذ لم يكونوا أصحاب حرب وعدة وخيل كما يعرف ذلك من قصتهم المشهورة وكما سنذكر طرفا منها فيما يستقبل من كلامه في فصل آخر وقد وصف مقاتليهم في الله بكونهم اذله عند المتكبرين وكونهم مجهولين في الارض اي ليسوا من ابناء الدنيا المشهورين بنعيمها، وكونهم معروفين في السماء هو اشارة الى كونهم من اهل العلم والايمان يعرفهم ربهم بطاعتهم وتعرفهم ملائكتهم بعبادة ربهم. ثم اردف ذلك بأخبار البصرة مخاطبا لها والخطاب لاهلها بما سيقع بها من فتنة الزنج وظاهر انه لم يكن لهم غبار ولا اصوات إذ لم يكونوا اهل خيل ولا قعقعة لجم فإذا لارهج لهم ولاحس وظاهر كونهم من نقم الله للعصاة وان عمت الفتنة إذ قلما تخص العقوبة النازلة بقوم بعضهم كما قال تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وقوله (ع): سيبتلى ________________________________________