[ 553 ] يا ابا فراس فلو كان عندنا اكثر من هذا لوصلناك به فردها الفرزدق وقال يابن رسول الله ما قلت الذى قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كانت لأرزء عليه شيئا " فقال شكر الله لك ذلك غير إنا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا " لم نعد فيه فقبلها وجعل يهجو هشاما " وهو في الحبس فكان مما هجاه به: أيحبسنى بين المدينة والتى * إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث إليه فاخرجه. قلت جزى الله الفرزدق عن هذا المقام أحسن جزائه فلقد أدى ما وجب عليه من اخلاصه وولائه لا جرم ان الله شكر له هذه الحسنة واعد له ذخائر ثوابها وقد رأى ما أقر عينه في الدار التى ثوى بها. ومن أخبار الفرزدق ما حكاه محمد بن حبيب قال صعد الوليد بن عبد الملك المنبر فسمع صوت ناقوس فقال ما هذا فقيل البيعة فأمر بهدمها وتولى ذلك بيده فتتابع الناس يهدمون فكتب إليه ملك الروم ان هذه البيعة قد اقرها من كان قبلك فان يكونوا أصابوا فقد أخطأت وان تكن أصبت فقد اخطأوا فقال من يجيبه فقال الفرزدق يكتب إليه (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكما وعلما) الآية فاستحسن ذلك. وروى معاوية بن عبد الكريم عن أبيه قال دخلت على الفرزدق فتحرك فإذا في رجليه قيد قلت ما هذا يا ابا فراس قال حلفت أن لا أخرج هذا من رجلى حتى أحفظ القرآن. وروى انه لما ماتت النوار أمرأة الفرزدق خرج الحسن البصري في جنازتها ووقف على قبرها والفرزدق واقف معه والناس ينظرون فقال الحسن ما للناس فقال الفرزدق خير الناس وشر الناس فقال الحسن لست بخير الناس ________________________________________