[ 269 ] في مقام الانشاء مع قصده ابلاغ حد الحكم ووقته في مقام آخر. أو عند انتهاء امد الحكم، فيكون (ح) مقتضى ظاهر الدليل دوامه واستمراره ; فالحكم (ح) موقت في مرحلة الثبوت مستمر دائم في مرحلة الاثبات. فإذا ورد دليل النسخ كان ذلك كاشفا عن انتهاء امد الحكم بتمام مقتضيه وملاكه فيحسب ذلك دفعا للحكم بالنظر إلى الواقع ورفعا بالنظر إلى الظاهر، ومن هنا قيل ان النسخ دفع ثبوتى ورفع اثباتي. تنبيهان: احدهما: في امكان النسخ والاخر في وقوعه: اما الاول: فقد ادعى استحالته في الاحكام الصادرة عن الحكيم، بتوهم انه إذا انشأ حكما كليا ثم انشأ نسخه بعد مدة ; فان كان لذلك الحكم ملاك ومصلحة في جعله، كان نسخه باطلا قبيحا، وان لم يكن مصلحة في جعله كان انشائه من اصله لغوا باطلا، فالنسخ من الحكيم يستلزم دائما احد المحذورين اما خلاف الحكمة في الجعل واما في النسخ. وجوابه: ان جعل الحكم ثم نسخه بعد مدة يتصور على قسمين: اولهما: ان لا تكون هناك مصلحة في جعل الحكم اصلا، أو كانت في جعله موقتا محدودا، فاعتقد الجاعل وجود ملاك دائم فانشأ حكما مستمرا، ثم ظهر له خطائه في اعتقاده فنسخه. أو كانت المصلحة في جعله دائما مستمرا فاعتقد كونه موقتا فنسخه بعد مدة زعما منه تمام امد الحكم وهذا القسم هو الذى يلزم منه لغوية الجعل تارة والنسخ اخرى ولا يتصور هذا في الشارع المحيط بجميع الاشياء علما والعالم بملاكات الامور سعة وضيقا. ثانيهما: ان تكون المصلحة في جعل الحكم موقتا محدودا فقصد الجاعل انشاء حكم كذلك، الا انه انشأه بكلام مطلق من حيث الزمان ظاهر في الاستمرار والدوام، ________________________________________