[ 270 ] اما لوجود مانع عن التقييد اثباتا أو لمصلحة في تأخير بيان الامد، إذ لا يجب عقلا بيان امد كل حكم عند جعله وتشريعه فالحكم في الفرض موقت ثبوتا ظاهر في الدوام اثباتا، فيكون نسخه دفعا ثبوتيا ورفعا اثباتيا ; وهذا القسم لا يقبح من الحكيم تعالى بل قد يحسن ويجب وما يدعى وقوعه في الشريعة من هذا القسم فلا محذور. الثاني: لا اشكال في وقوع النسخ بالنسبة إلى اصل شريعة ودين فكلما كانت تحدث شريعة في الازمنة السابقة كانت تنسخ الشريعة التى قبلها بمعنى رفع عدة من احكامها لا رفع جميعها، ولذا قيل ان النسخ رفع المجموع لا رفع الجميع. واما نسخ بعض الاحكام في شريعة مع بقاء اصلها فقد ادعى وقوعه في شرعنا وعد لذلك موارد لا يسلم اغلبها من الخدشة والمسلم من ذلك قوله تعالى: " يا ايها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجويكم صدقة ذلك خير لكم واطهر فان لم تجدوا فان الله غفور رحيم " فانها نسخت بقوله تعالى في الاية اللاحقة لها: " ءاشفقتم ان تقدموا بين يدى نجويكم صدقات فاذلم تفعلوا وتاب الله عليكم فاقيموا الصلوة الخ ". بيانه ان الله تعالى اوجب على كل من اراد التكلم والنجوى مع النبي الاعظم " صلى الله عليه وآله " ان يتصدق قبل ذلك شيئا على الفقراء، فلما ظهر اشفاق الناس من ذلك وتركوا النجوى واخذ الاحكام بخلا بالمال نسخ الحكم وتاب على المشفقين فالاية الاولى منسوخة والثانية ناسخة لها وروى الصدوق عن على " عليه السلام " انه قال في عداد مناقبه واما الرابعة والعشرون فان الله انزل على رسوله: " يا ايها الذين آمنوا.. " فكان لى دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله " صلى الله عليه وآله " اتصدق قبل ذلك بدرهم والله ما فعل هذا احد غيرى من اصحابه قبلى ولا بعدى فانزل الله: " ءاشفقتم الخ. " ________________________________________