[ 17 ] بل انما يكون منشاه حب النفس، ولذا لا يختص ذلك بالانسان، بل الحيوان بما انه بفطرته يحب نفسه، يتحرك نحو ما يراه نفعاله، ويحذر عما يراه ضررا عليه، وهذا التحرك تكويني، لا بعث تشريعي. واما القول الثالث: وهو القول بان حجية القطع انما تكون ثابتة ببناء العقلاء، والاحكام العقلائية عبارة عن القضايا المشهورة التى تطابقت عليها اراء العقلاء حفظا للنظام وابقاءا للنوع لحسن العدل وقبح الظلم والعدوان. فيرده ان وجوب العمل على طبق القطع كان ثابتا في زمان لم يكن فيه الابشر واحد ولم يكن نوع ليكون العمل على طبقه لحفظه، وان شئت فاختبر ذلك بفرض نفسك ذلك البشر. النهى عن العمل باقطع واما المقام الثالث: فالحق عدم امكان النهى عن العمل به، وذلك لوجهين. احدهما: لزوم التناقض اعتقادا مطلقا، وواقعا في صورة الاصابة، - وبعبارة اخرى - المكلف لا يتمكن من تصديق النهى عن العمل به بعد تصديقه بحرمة الفعل كما لو علم بحرمة الخمر: إذ النهى عن العمل به اذن في الفعل، وهو لا يجتمع مع الحرمة - وان شئت قلت - ان الحرمة عبارة عن الزجر عن الفعل مع عدم الترخيص في الفعل، فاترخيص فيه مع الحكم بالحرمة متناقضان والمكلف بعد اذعانه بالاول غير متمكن من الاذعان بالثاني. وقد اورد على هذا التقريب بايرادين. الاول: بانه قد ورد النهى عن العمل بالظن القياسي حتى في حال الانسداد فإذا جاز النهى عن العمل به في حال الانسداد، جاز النهى عن العمل بالعلم في حال الانفتاح، لان الظن في تلك الحال كالعلم في هذه. وفيه: انه ان اريد بهذا التنظير ان الظن بالحكم غير الفعلى، وان صح المنع عن العمل به، الا ان القطع به كذلك والقطع بالحكم الفعلى لا يمكن النهى عن العمل به، ________________________________________