[ 394 ] ومن هنا يظهر أنه لو كانت النسبة بين المتعارضين عموما مطلقا، بعد تخصيص احدهما بخاص، يعامل مع ذلك العام المخصص ومقابله معاملة العام والخاص المطلق، (153) وان كان بينهما تباين قبل ذلك التخصيص، كما لو ورد (أن ثمن العذرة سحت، وورد ايضا ثمن العذرة لا بأس به، وورد ايضا ثمن عذرة المأكول اللحم لا باس به) يجب تخصيص الدليل الاول واخراج عذرة المأكول اللحم منه، ثم ملاحظته مع الدليل الثاني أعنى قوله ثمن العذرة لا بأس به. والسر في ذلك انه ليس تعارض المقيد مع المطلق والمطلق الآخر معه على نسق واحد، فيجب تقييد المطلق بذلك المقيد. وبعد التقييد يصير في حكم المقيد، فيقيد الاطلاق الآخر به فليتأمل جيدا. ثم انه في الفرض الاول - اعني صورة تعارض العام مع الخصوصات - = يكون التخصيص قرينة على خروج الفرد من اللب والجد، لا من الارادة الاستعمالية، فيكون ظهور العام في كليهما محفوظا، فلم يعاملوا مع العام المخصص بالمتصل معاملة الخاص. ويمكن الفرق: بأن اصالة التطابق بين الجد والاستعمال لما لم تجر في العام المخصص بالمتصل، فلم يكن لاحراز الواقع والارادة الجدية طرق اصلا، وان كانت الارادة الاستعمالية معلومة، لان تلك الارادة المستكشفه من ظهور اللفظ - مع القرينة على خلافها لبا - غير مؤثرة في شئ عند العقلاء، بخلاف المخصص بالمنفصل، فان الظهور مع ذلك الاصل حجة عقلائية، ويجب العمل عليه ما لم تقم حجة اقوى على خلافه، وبعد ورود المخصص الدال على خلاف الاصل المذكور يعمل به، لكونه اقوى من الاصل المذكور، فافهم. (153) لا يخفى أن تقدم احد العامين بعد التخصيص في المثال، ليس من باب اختلاف ظهوره في الارادة الاستعمالية، بل من باب اختلاف اصل التطابق في القوة والضعف، بمعنى أن اصل التطابق في الباقي - بعد خروج بعض الافراد من العام - يصير اقوى من الاصل المذكور في العام الذي لم يخرج منه شئ فتفطن. ________________________________________