[ 383 ] لترجيح الاقرب إلى مطابقة الواقع في نظر الناظر، وليس للسبب الخاص دخل فيه. و (منها) - تعليقه (عليه السلام) الاخذ بالمشهور بقوله: فان المجمع عليه لا ريب فيه، فانه - بعد القطع بان ما يرويه المشهور لا يصير مما لا ريب فيه واقعا، والا كان غيره مقطوع الخلاف، ولم يمكن فرضهما مشهورين - يجب ان يكون المراد - من قوله فان المجمع عليه لا ريب فيه - أنه كذلك بالاضافة الى غيره، فيستفاد من التعليل المذكور قاعدة كلية، وهى ان كل خبر يكون مما لا ريب فيه بالاضافة الى معارضه يؤخذ به. و (منها) - تعليلهم (عليهم السلام) لتقديم الخبر المخالف للقوم، بان الحق والرشد في خلافهم، فانه يدل على وجوب ترجيح كل ما كان معه امارة الحق والرشد. هذا وفي الكل نظر، لان الترجيح بالصفات قد عرفت حاله، وكذا الترجيح بالاشهرية. واما الترجيح بمخالفة القوم والتعليل بان الرشد في خلافهم، فلا يدل إلا على أن الخبر الذى يكون معه هذا المرجح يؤخذ به، لكونه معه اقرب الى الواقع واقعا وفي نظر الشارع، لا لكونه اقرب في نظر الناظر، ولو جعل الشارع عند التعارض الخبر الذى يخالف القوم حجة لعلمه بانه غالب الوصول الى الواقع دون غيره، فكيف يصح لنا التعدي منه إلى كل خبر يكون معه شئ يرجح في نظرنا مطابقته للواقع، مع عدم العلم بالغلبة التى صارت موجبة لجعل الشارع هناك ؟ مثلا إذا جعل الشارع خبر الثقة لنا حجة، وان كنا نقطع بأن جهة حجيته كونه طريقا الى الواقع وموصلا إليه في الغالب، لكن لا يصح لنا ان نعمل بكل ما يفيد الظن لنا، لان ملاك حجية خبر الثقة وان كان غلبة الوصول، لكن وجوده في الظن الحاصل لنا من سبب آخر غير معلوم. ومن هنا يظهر ان الاقوى - بناءا على الاخذ بالمرجحات - الرجوع - فيما لم يكن هناك احدى المرجحات المنصوصة - الى اطلاق التخيير إن تمت دلالة الادلة الدالة على التخيير، والا فالى الاصل. ________________________________________