[ 379 ] و (منها) مرفوعة زرارة، وفيها بعد ذكر المرجحات (إذن فتخير احدهما، فتاخذ به ودع الآخر). هذا ما وقفنا عليه من الاخبار. ولا يخفى عدم ظهور لبعضها في التخيير بين الخبرين اصلا، كخبر سماعة، لقوة احتمال أن يكون المراد من قوله (عليه السلام) (فهو في سعة...). كون المكلف في سعة من الامر والنهى الواقعيين، حتى يعلم حكم الواقعة، لا أنه في سعة الاخذ باحد الخبرين، كما هو المدعى، وكخبر حرث بن المغيرة، لاحتمال ان يكون المراد حجية قول الثقة من دون ملاحظة حال التعارض، فهو على هذا من الادلة الدالة على حجية قول الثقة، فتأمل. واما التوقيع الشريف وخبر على بن مهزيار فهما وان كانا دالين على التخيير بين الخبرين في الجملة، ولكن لورودهما في المستحبات لا اطلاق لهما، بحيث يشملان موارد الالزاميات، فلو قال قائل باختصاص التخيير بالمستحبات كما هو احد الاحتمالات - فلا يدلان على خلافه، وكذا لورودهما في المورد الخاص اعني تعارض الخبرين المخصوصين. فلا اطلاق لهما بحيث يشمل ثبوت التخيير، حتى في مورد وجود المرجح، إذ لعل الحكم بالتخيير فيهما من جهة عدم وجود المرجح. نعم خبر حسن بن جهم لا اختصاص له بالمستحبات، وان كان يشترك معهما في عدم الدلالة على التخيير، حتى في صورة وجود المرجح. فظهر مما ذكرنا عدم ثبوت اطلاق لادلة التخيير، حتى تشمل صورة وجود المرجح، فلو دل دليل على ثبوت الترجيح يؤخذ به من دون تزاحم اصلا، فلنشرع في بيان ادلة الترجيح: إعلم أن الاخبار - الدالة على تقديم الخبر الموافق للكتاب والمخالف للقوم - بالغة حد الاستفاضة، بل لا يبعد دعوى التواتر فيها، وإن كان في القسم الاول ما يدل على عدم حجية المخالف للكتاب، فالاخذ بموافق الكتاب من جهة حجيته وعدم حجية غيره، ولكن فيه ايضا ما يدل على كون موافقة الكتاب مرجعة ________________________________________