[ 376 ] أقول الانصاف أن اثبات وجوب الترجيح بهذه الاخبار مشكل من وجوه: (أحدها) اختلاف هذه الاخبار، حيث ذكر في بعضها موافقة الكتاب والسنة، وفي بعضها مخالفة العامة، واطلاق الاول يقتضى وجوب الاخذ بموافق الكتاب، وان كان الآخر مخالفا للعامة، وكذا اطلاق الثاني يقتضى وجوب الترجيح بمخالفة العامة، وإن كان الآخر موافقا للكتاب، فإذا كان احد الخبرين موافقا للكتاب، والآخر مخالفا للعامة، فمقتضى اطلاق الاول الاخذ بالاول، ومقتضى اطلاق الثاني الاخذ بالثاني. ودعوى أن المقصود في المقام هو الايجاب الجزئي - في مقابل السلب الكلى، ويحصل ذلك بواسطة دلالة تلك الاخبار في مورد الافتراق - مدفوعة بأن حمل كلام السائل في تلك الاخبار على خصوص مورد الافتراق في كمال البعد كما لا يخفى. وحمل كلام الامام (عليه السلام) على ذلك - بعد فرض أن السائل لم ينظر خصوص هذا المورد بل سأل عن مطلق تعارض ما ورد عنهم - يستلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو وان كان جائزا إن اقتضت المصلحة ذلك، لكنه بعيد أيضا. فان قلت هذا الاشكال جار بناءا على حمل اخبار الترجيح على الاستحباب ايضا، فلابد من حمل هذه الاخبار على خصوص مورد الافتراق على أي حال، سواء قلنا بوجوب الترجيح أو باستحبابه. قلت بناءا على الحمل على الاستحباب، يحمل على الحكم الحيثى، كغالب الاحكام المستحبة المتعلقة بالعناوين، من حيث أنها هي، مع قطع النظر عن المزاحمات، بخلاف ما لو حملناها على الوجوب، فانه على هذا يصير كسائر الاحكام الوجوبية المتعلقة بالعمل ظاهرا في الحكم الفعلى، فتأمل. وحملها - على أن المراد مجرد الرجحان من أي وجه حصل - ليس باولى من حملها على ما ذكرنا. و (منها) التعارض بين الخبرين المشتملين على جمع من وجوه الترجيح: أحدهما مقبوله عمر بن حنظله، والآخر مرفوعة زرارة، حيث أنه مقتضى الاول منهما الاخذ برواية الاعدل والافقه، وان كان الآخر أشهر. ومقتضى الثاني ________________________________________