[ 372 ] التخيير، بخلاف الطرف الآخر، فالاخذ بمحتمل الاهمية موجب لبراءة الذمة يقينا، بخلاف الاخذ بالآخر. وفصل شيخنا الاستاذ دام بقاه بين أن يكون منشأ الاهمية المحتملة اشدية المناط، وبين اتحاده مع واجب آخر، فان كان احتمالها ناشئا من الجهة الثانية، فلا وجه لاستقلال العقل بوجوب ما كان منهما محتملا لها، بل العقل يستقل بالتخيير بعد الجزم بعدم العقاب على الواجب الآخر لو كان، فانه عقاب بلا بيان ومواخذة بلا برهان، ولو كان احتمالها ناشئا من الجهة الاولى، فالظاهر استقلال العقل بالاشتغال، وعدم الفراغ عن العهدة على سبيل الجزم إلا باتيان ما فيه الاحتمال، حيث ان التكليف به في الجملة ثابت قطعا. وإنما الشك في تعيينه هل هو على سبيل التخيير أو التعيين، وليست الجهة لو كانت تكليفا آخر، حتى يمكن نفيه باصالة البراءة، بل هي على تقديره من كيفيات ذلك التكليف المعلوم تعلقه، بداهة ان اقوائية جهة وجوب الاهم ليست جهة اخرى منضمة إليها، كما لا يخفى. انتهى كلامه دام بقاه. أقول الاقوى عندي التخيير مطلقا، لان التكليف الشرعي - بمقتضى الدليل الاولى - ثابت في كلا الطرفين، فالمقتضى للامتثال موجود فيهما، وبعد عدم امكان الجمع ووجود المقتضى في كلا الطرفين تاما، يحكم العقل بالتخيير، لان التعيين ترجيح بلا مرجح، فان مقتضى الامتثال انما هو امر المولى، والعلم بان الواقع مطلوب للمولى من حيث هو، واحتمال عدم فعلية الطلب - من جهة احتمال عروض عوارض اقتضت ذلك - موجود في كلا الطرفين من دون تفاوت اصلا. نعم اشدية المناط توجب امرا اخر من قبل المولى على سبيل التعيين، بملاحظة حال التزاحم، وحيث لا سبيل الى العلم به كما هو المفروض، فمقتضى الاصل البراءة. والحاصل أنه فرق بين ما نحن فيه، وبين دوران الامر الصادر من المولى بين التعيين والتخيير، فانه في الثاني لم يثبت امر من المولى متعلقا بالطرف المشكوك، فالاتيان به لا يوجب البراءة من الامر المعلوم على سبيل الجزم، فيجب ________________________________________