[ 369 ] بالاباجة شرعا، لا ظاهرا ولا واقعا. ثم قال دام بقاه فالاولى التمسك للاحتياط باطلاق اخبار التوقف، إذ هي باطلاقها تدل على وجوب التوقف عن ارتكاب الشبهة مطلقا، وعدم جواز الاقتحام فيها اصلا، عملا كان أو فتوى، بل دلالتها - على وجوب التوقف في الفتوى - ليست الا لانها عمل ايضا، لا بما هي فتوى. انتهى. أقول ومما ذكرنا يظهر النظر فيما افاده بقوله (فالاولى...). لان التعبير عن الاحتياط في العمل بالتوقف إنما يحسن في خصوص الشبهة التحريمية، لانها هي التى يحسن فيها التوقف أعنى السكون وعدم الحركة الى الفعل، دون غيرها، كما لا يخفى. تنبيهات وهنا امور يجب التنبيه عليها (احدها) - ان التعارض إن وقع للحاكم في مدرك حكمه، فهو يختار احد الخبرين، ويحكم على طبقه، لان فصل الخصومة عمل القاضى، فالتخيير له لا للمترافعين، وان وقع للمفتي، ففى عمل نفسه ايضا يختار احدهما، ويعمل على طبقه. وأما في عمل المقلد، فهل يختار احدهما ايضا، أو يجب الافتاء بالتخيير ؟ وجهان: الاقوى الثاني، لان الاحكام الظاهرية كالواقعية مجعولة للمجتهدين والمقلدين، وليس في ادلة الاحكام الظاهرية ما يظهر منه اختصاصها بالمجتهدين. والقول - بان العمل باحد الخبرين عند التعارض أو باقومهما ليس الا وظيفة المستنبط، ولا معنى لثبوت ما يتعلق بالاستنباط من الاحكام للعامي الغير القادر على الاستنباط - مدفوع بأن ما هو وظيفة المستنبط فهم التعارض بين الخبرين وتساويهما، أو كون أحدهما اقوى. وأما العمل على طبق الاقوى أو أحدهما، فلا يختص بالمجتهد، لان هذا العمل ليس الا كالعمل باصل الواقعيات الاولية التى يشترك فيها جميع العباد، وان لم يكن للمقلد طريق إليها إلا فهم مجتهده. ________________________________________