[ 365 ] وإما الجمعة - إن لخبر الدال على وجوب الظهر مثلا، يدل على عدم وجوب الجمعة، وكذا الخبر الدال على وجوب الجمعة. ومقتضى التدين بالاول الالتزام بوجوب الظهر، وعدم وجوب الجمعة، ومقتضى التدين بالثاني عكس ذلك. ولا يمكن الجمع بينهما فمقتضاه التخيير (143) فافهم. هذا تمام الكلام في مقتضى الاصل، مع قطع النظر عن الاخبار الواردة في المقام. وأما بالنظر إليها، فهل يحكم بالتخيير، أو التوقف، أو الاخذ بما يوافق الاحتياط، أو التفصيل بين ما لابد فيه من العمل فالتخيير، وبين غيره فالتوقف، كما حكى عن غوالى اللئالى، أو التفصيل بين دوران الامر بين محذورين فالتخيير، وغيره فالتوقف، أو التفصيل بين حق الله فالتخيير، وحق الناس فالتوقف، كما نسب الى الرسائل ؟ وجوه ناشئة من اختلاف الاخبار، واختلاف الانظار في الجمع بينهما. فنقول المشهور - الذى عليه جمهور المجتهدين - هو الاول، للاخبار المستفيضة الدالة عليه، ولكن تعارضها الاخبار الدالة على التوقف، وهى ايضا في الكثرة لا تقصر عن الاخبار الدالة على التخيير، وكذا تعارضها مرفوعة زرارة المحكية عن غوالى اللئالى الآمرة بالاخذ بما فيه الاحتياط، بعد فرض السائل تساوي الخبرين في جميع ما ذكر فيها من المرجحات. أما معارضتها للمرفوعة، فقد اجاب عنها شيخنا المرتضى قدس سره بضعف سند المرفوعة، فانه قد طعن في ذلك التأليف وفى مؤلفه المحدث البحراني قدس سره في مقدمات الحدائق. وفى ما افاده نظر، لان المرفوعة وإن كانت ضعيفة السند، إلا أن ضعفها (143) لعله اشارة إلى أنه لا يرفع اليد عن العمل بالمدلول المطابقي منهما، لعدم القدرة على العمل بالمدلول الالتزامي، مضافا إلى أن الاتيان بالثاني رجاءا لا ينافي العمل بالمدلول الالتزامي للاول، فلو اقتضى العلم الاجمالي لزوم اتيانه، لا ينفيه دليل العمل بالطريق. نعم العمل به بعنوان أنه حكم الله ينافيه ذلك الدليل. ________________________________________