[ 364 ] افاده قدس سره (142) لان الواقع على هذا لا يتغير عما هو عليه، سواء كانت الامارة مطابقة له ام لا، بل المصلحة في الا التزام والتدين بما دلت عليه. ولما كانت الامارتان في محل الفرض متعارضتين، ولم يمكن الالتزام بمؤدى كلتيهما، وجب ذلك في احداهما على سبيل التخيير، لعدم الاهمية، كما هو المفروض. فان قلت ليس الامر كذلك على الاطلاق في هذا الفرض ايضا، لجواز التدين بمدلول الامارتين في بعض فروض التعارض، كما إذا دل دليل على وجوب الظهر، والآخر على وجوب الجمعة، مع العلم بعدم كليهما، فان الدليلين متعارضان، لعدم جواز صدق كليهما، مع العلم المفروض، مع أنه يمكن الالتزام بمدلول كلا الدليلين. وحينئذ لا سبيل الى التخيير، لانه متفرع على عدم امكان الجمع. والمفروض خلافه. قلت قد حقق في محله أن اعتبار الامارات ليس مخصوصا بمداليلها المطابقية، بل يؤخذ بها وبما يلازمها، سواء كانت الملازمة بين الشئ ومداليلها بحسب الواقع ام لا، بل كانت بملاحظة علم المكلف. ولا يفرق في ذلك بين القول باعتبارها من باب الطريقية والسببية، كما هو واضح. وحينئذ نقول - بعد العلم بانحصار الواجب في احد الفعلين إما الظهر (142) لا يخفى أنه إن قيل بعدم تغير الواقع، ووجود المصلحة في الالتزام بكلا الطرفين، فلازم ذلك عدم التزاحم، مع العلم بالواقع، للعلم بوجود مصحلتين في أحد الطرفين، ومصلحة واحدة في الآخر. ومعلوم أن العقل يحكم بالعمل بما هو مطابق للواقع، لكن لما كان مجهولا يحكم بالتخيير، فيصير نظير المتعارضين، مع العلم بالواقع لا المتزاحمين. نعم لو قيل باختصاص المخالف بالمصلحة، مع بقاء الواقع على ما هو عليه، فالامر كما افاده، لانه مع العلم بالواقع اجمالا يعلم بوجود مصلحة في الاخذ بكل منهما: إما مصلحة الواقع، وإما مصلحة العمل بالطريق، وحيث لا يمكن الجمع ولا ترجيح، فيحكم العقل بالتخيير. ________________________________________