[ 362 ] في احدهما، كما هو المفروض. واليه ذهب شيخنا الاستاذ دام بقاه، حيث قال في تعليقته على رسالة التعادل والترجيح ما هذا لفظه: (فاعلم أنه ان قلنا بحجية الاخبار من باب السببية، فيكون حال المتعارضين من قبيل الواجبين المتزاحمين في أن الاصل فيهما هو التخيير، حيث أن كل واحد منهما - حال التزاحم ايضا - على ما كان عليه من المصلحة التامة المقتضية للطلب الحتمى، ولا يصلح التزاحم الا للمنع عن تنجزهما جميعا، لامتناع الجمع لا عن احدهما، لامكانه. وحيث كان تعيينه بلا معين ترجيحا بلا مرجح، كان التخيير متعينا. نعم لو كان أهم أو محتمل الاهمية تعين على ما سنفصله) انتهى ما اردنا من نقل كلامه دام بقاه. وعندي في ذلك نظر، توضيح أن جعل الامارات من باب السببية - كما اوضح ذلك شيخنا المرتضى قدس سره في مبحث حجية الظن - يتصور على وجوه، بعضها باطل عقلا، وبعضها باطل شرعا. والذى يمكن من الوجوه المذكورة وجهان: (احدهما) أن يكون الحكم الفعلى تابعا للامارة، بمعنى أن لله تعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لولا قيام الامارة على خلافه، بحيث يكون قيام الامارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم، لكون مصلحة سلوك هذه الامارة غالبة على مصلحة الواقع، فالحكم الواقعي فعلى في حق غير الظان بخلافه، وشأني في حقه بمعنى وجود المقتضى لذلك الحكم لولا الظن بخلافه. والوجه الثاني أن لا يكون للامارة القائمة على الواقعة تأثير في الفعل الذى تضمنت الامارة حكمه، ولا تحدث فيه مصلحة، إلا أن العمل على طبق تلك الامارة والالتزام به في مقام العمل - على أنه هو الواقع، وترتيب الآثار الشرعية المرتبة عليه واقعا - يشتمل على مصلحة، فاوجبه الشارع. ومعنى ايجاب العمل على الامارة وجوب تطبيق العمل عليها، لا وجوب ايجاد العمل على طبقها. إذا عرفت ذلك فنقول: إن مقتضى السببية بالمعنى الاول: أنه إذا تعارض الخبران، وعلم مطابقة احدهما للواقع، لم يكن للخبر المطابق تأثير ________________________________________