[ 356 ] ومما ذكرنا يظهر أن ما اشتهر بينهم - من أن الجمع بين الدليلين مهما أمكن اولى من الطرح - إن كان المراد الامكان العرفي، فهو صحيح، وينحصر مورده فيما إذا فرض صدور كلا الدليلين ولم يتحير العرف في المراد، سواء كانا من قبيل العموم والخصوص ام غيره، كما عرفت. وإن كان المراد غير ذلك، فلا دليل عليه. ثم إن الشهيد الثاني قدس سره - على ما حكى عنه في تمهيده - فرع على قضية اولية الجمع الحكم بتنصيف دار تداعياها، وهى في يدهما، أو لايد لاحدهما، وأقاما بينة انتهى. وفى كون اول المثالين من فروع القاعدة ما لا يخفى، لان بينة كل منهما إنما هي معتبرة في النصف، سواء حكمنا بتقديم بينة الداخل أو الخارج، فالحكم بالتنصيف مقتضى حجية بينة كل منهما في النصف، لا مقتضى الجمع. نعم يمكن أن يكون الثاني متفرعا على القاعدة، وان كان للنظر فيه أيضا مجال، حيث أنه يمكن أن يقال: إن الحكم بالتنصيف من جهة تساقط البينتين من الطرفين، كما إذا لم تكن بينة في البين، وتحالفا أو تناكلا. وكيف كان فالذي ينبغى أن يقال في المقام: أن الجمع بين الدليلين في الاخبار الحاكية عن قول الامام (عليه السلام) يتصور على وجهين: احدهما - التصرف في أحد الدليلين أو في كليهما على وجه يرتفع التنافى، والثانى الاخذ ببعض المفاد من كل منهما أو من احدهما. وذلك ] = وعدما وأما جعل الحكم لللازم فليس ملازما لجعله للملزوم، ولذا قد ينفك عنه، كما في الاصول. وايضا قد لا يكون في الملزوم أثراصلا، وينحصر اثره في اللازم، كما إذا لم يكن لما اخبر به العادل مطابقة اثر شرعي اصلا، لكن يؤدي إليه بالملازمة، فانه لا اشكال في وجوب العمل عليه، وكذلك فيما يكون في المدلول المطابقي مانع لذلك الجعل من معارضة كانتفاء القدرة، كما في المقام أو شئ آخر مثلا، يبقى الجعل في المدلول الالتزامي بلا مانع. ________________________________________