[ 355 ] اقول - بعد تسليم كون احد السندين مقطوع الاعتبار - فالوجه في تقديم سند الآخر على ظاهر ما فرض القطع باعتباره ما قلناه في تقديم سند الخاص على ظهور العام، مضافا إلى منع حجية احد السندين، لان حجيته في المدلول التعييني ترجيح بلا مرجح، وحجية الاخذ بالمبهم لا معنى لها، فيما إذا لم يكن هناك ثالث، كما إذا قام الخبران على طرفي نقيض. فان قلت: ان احد الخبرين حجة بالاجماع، لعدم القول بجواز طرحهما بين العلماء قدس سرهم، لانهم بين من يجمع المدلولين، وبين من يأخذ بالترجيح لو كان، والا فالتخيير، وبين من يحكم بالتخيير مطلقا. قلت مدارك الاقوال المذكورة معلومة، فمن اختار احد المدارك المذكورة يلزمه حكمه، فلم يبق له مجال للقول بحجية أحد الخبرين على سبيل الابهام، وتعارض ظهوره مع سند الآخر. ومن لم يختر احد المدارك المذكورة، فلا دليل له على حجية أحد الخبرين في مقام التعارض، لا تعيينا ولا تخييرا، ولا على سبيل الابهام. فان قلت إذا منعت حجية الواحد على سبيل الابهام، فبم يحكم بانتفاء الثالث فيما إذا كان لهما ثالث ؟ قلت نفى الثالث لا يتوقف على حجية احد الخبرين في المدلول المطابقى، إذ كون دلالة اللفظ على اللازم - متفرعة على دلالته على الملزوم - لا يلازم كون حجية حكاية اللفظ عن اللازم متفرعة على حجية حكايته عن الملزوم، إذ هما فردان من الكشف الحاصل من نقل الثقة، فيشملهما دليل الاعتبار في عرض واحد، ولو منع احدهما مانع ليس في الآخر، فلا وجه لسقوط دليل الاعتبار بالنسبة الى ما ليس له مانع. (139) (139) توضيح ذلك: ان دليل الاعتبار معناه حقيقة جعل ايجاب العمل على طبق مضمون الامارة كالواقع، فيجب ترتيب جميع آثار الواقع من المؤدى ولوازمه في عرض واحد، لان جعل الحكم للملزوم ملازم لجعله لللازم، ولا ينفك عنه وجودا = ________________________________________