[ 335 ] [ ولا يرد أنه - بناءا على هذا الظهور - يلزم عدم الاحتياج إلى مقدمات الحكمة في الحكم الايجابي ايضا. توضيح الاشكال: أن ظاهر القضية الحاكية لتعلق الايجاب بالطبيعة أنها بنفسها مورد للحكم، لا بما هي معرفة لصنف خاص منها، لعين ما ذكر في القضية المنفية، ولازم تعلق الحكم بالطبيعة بنفسها سريانه في كل فرد، فلا يحتاج فهم العموم من القضية إلى مقدمات الحكمة. وبيان دفعه ان المهملة تصدق على وجود خاص حقيقة، فان كان الثابت في نفس الامر الحكم المتعلق بوجود خاص منها، يصح نسبة الحكم إليها حقيقة، فاسراء الحكم إلى تمام الافراد لا يقتضيه وضع اللفظ، بل يحتاج إلى المقدمات. وهذا بخلاف النفى المتعلق بالطبيعة المهملة، فانه لا يصح إلا إذا لم تكن متحققة اصلا، إذ لو صح نفى الطبيعة مع وجود فرد خاص منها، لزم اجتماع النقيضين. ومحصل الكلام أنه لا شك في أن قولنا (كل رجل، وقولنا لا رجل) يفيدان العموم، من دون حاجة إلى مقدمات الحكمة. والسر في ذلك ما قلناه، ولو لا ذلك لما دل قولنا اكرم العالم مطلقا أيضا على الاطلاق، إذ الاطلاق ايضا أمر وارد على مفهوم لفظ العالم. والمفروض أنها مهملة تجتمع مع المقيد، ولذا لو قال (اكرم العالم العادل مطلقا) لم يكن تجوزا قطعا، كما ذكرنا في تقرير الشبهة في مدخول لفظ الكل والنفى، ولا شبهة في أن العرف والعقلاء لا يقفون عند سماع هذا الكلام، ولا يطلبون مقدمات الحكمة في مفهوم لفظ العالم الذى ورد الاطلاق عليه. ولعل هذا من شدة وضوحه خفي على بعض الاستاتيذ فتدبر فيما ذكرناه. ________________________________________