[ 484 ] على القواعد ولذا اتسعت دائرتهم فالبحث في النظر واكثروا من بيان الفروع والمسائل وتعدوا عن متون الاخبار إلى ما يستفاد منها بالفحوى أو بطريق الالتزام أو غيرهما واولئك المحدثون ليسوا غالبا بتلك القوة من الملكة وذلك التمكن من الفن فلذا اقتصروا على ظواهر الروايات ولم يتعدوا غالبا عن ظاهر مضامينها ولم يوسعوا الدائرة في التفريعات على القواعد ولذا رأيهم لما كانوا في اوئل انتشار الفقه وظهور المذهب كان من شانهم تنقيح اصول الاحكام التى عمدتها الاخبار المأثورة عن العترة الطاهرة فلم يتمكنوا من مزيد امعان النظرة في مضامينها وتكثير الفروع المتفرعة عليها ثم ان ذلك انما حصلت بمتلاحق الافكار في الازمنة المتأخرة ولا زالت تتزايد وتتلاحق الاعصار وتتزايد الافكار هذاو قد ظهر مما ذكرناه ان ما حكاه عن ضرير واضرابه من اقتصارهم على موارد النصوص مما لا منافات فيه لما ذكرنا مع ما هناك من البون البعيد بيننا وبين اولئك لكونهم في عصر الامام ع وعدم احتياجهم في كثير من المسائل إلى الاجتهاد على انه لا يبعد ان يكون مقصوده بذلك عدم احيتاجه في استنباط الاحكام الشرعية إلى القياس ونحوه من التخريجات العقلية الظنية مما لا يستدل إلى صاحب الشرعية ويؤيده انه قد روى الكشى ره عنه وهذا يشير إلى عمله بظاهر الكتاب من دون حاجة إلى ورود رواية في تفسيره واخذه بما يتفرع عليه من الفروعات وعدم اقتصاره في الاحكام على موراد الاخبار وظهر ايض مما بيناه ان تصانيفهم المتعلقة برد الاجتهاد وبيان المنع منه مما لا ربط له بما نحن فيه إذ المقصود هناك على مورد ما عرفته مورد ما عليه العامة العميا من الرجوع إلى القياس أو غيره من ساير الوجوه التخريجة والاستحسانات العقلية الغير المتسندة إلى صاحب الشريعة واشتراك ذلك وما نحن فيه في اطلاق لفظ الاجتهاد عليه لا يوجب سريان المنع إلى الاجتهاد بالمعنى المقص في المقام وهو واضح ومنها نصوص الكتاب الدالة على المنع من الاخذ بالظن والروايات المتكثرة بل المتواترة الدالة على لزوم الاخذ بالعلم وعدم جواز الظن وما دل على عدم جواز الافتاء بالراى مثل قوله اتقوا الله ولاتقتوا الناس بما لا تعملون وقوله ص اياك ان تدين الله وتفتي الناس بما لا تعلم وقوله ع إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا وإذا جاءكم ما لا تعملون فها ووضع يده على فيه وقوله ص وجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو فى النار وقوله ع من افتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك واهلك وقوله ع من دان الله بالراى ولم يزل دهره في التباس وقول الباقر ع من افتى برايه فقد دان الله بما لا يعلم وقول الص فيما رواه محمد بن مسلم وقد قال له ان قوما من اصحابنا قد تفقهو واصابوا علما ورووا احاديث فيرد عليهم فيقولون برايهم فق لا فقل لهلك من مضى الا بهذا واشباهه وقوله ع فيما رواه ابن مسكان من حبيب قال قال لنا أبو عبد الله ع من ان الناس سلكوا سبيل شتى فمنهم من اخذ بهواه ومنهم من اخذ برايه وانكم اخذتم بما له اصل يعنى بالكتاب والسنة وقوله ع اياكم واصحاب الراى فانهم اعنهم عن السنن ان يحفظوه في الحلال والحرام برايهم فاحلوا ما حرم الله وقوله ع في اصحاب الراى استغنوا بحملهم وتدابيرهم من علم الله واكتفوا بذلك دون رسوله والقوام بامره وقالوا لا شئ الا ادركته عقولنا وعرفته البابنا واما هم ماتوا واهملهم وخذلهم حتى صاروا عبدة انفسهم من حيث لا يشعرون وقوله ع اياك ان تفتى الناس برايك أو تدين بما لا تعلم إلى غير ذلك من الاخبار والمستفاد من هذه الروايات وما يفيد مفادها عدم جواز الاجتهاد في الاحكام الشرعية وامنع من العمل بالاستنباطات الظنية قال في الفوايد الطوسية ان الاخبار في هذا المعنى قد تجازوت حد التواتر وقد جمعنا منها في مواضع اخر اكثر من الف حديث وفيه اما اولا فبان المراد بالايات والروايات الدالة على وجوب الرجوع إلى العلم وعدم جواز الاخذ بالظن هو عدم الاكتفاء في الحكم والافتاء بالظن حيث من انه ظن واما بعد الاول إلى العلم وقيام الدليل القاطع على تعيين العمل بالوجوه المقررة افادت العلم بالواقع ولم تفد فلا ريب ان الفتوى والعمل انما يكون ح بالعلم دون غيره فلا تندرج الصورة المفروضة في شئ من الايات والروايات المذكورة لعلم المتفى والقائل بكون ذلك هو المقص منه في الشريعة والمكلف به في حكم الشرع وان لم يعلم بكون ذلك هو الحكم الاولى وقد اشار إلى ذلك الشيخ في العدة كما مر والاخبار المانعة عن الفتوى بالراى انما يراد بها ما تداولته العامة أو بمعناه من الاستحسان ونحوه واما الرجوع إلى الكتاب والسنة وساير الاصول المقررة في الشريعة فليس من الرجوع إلى الراى اصلا وان لم يستفد منها العلم بالواقع سيما بعد قيام الدليل القاطع على وجوب الاخذ بها كما هو المدعى وما ثاينا فبان تلك الروايات وان سلم كونها متوتراة لكن دلالتها ليست على ما ذكر ليست قطعية فلو لم نقل بان الظ منها النهى عن الاخذ بما يعلم تجويز الشارع الاخذ به فلا اقل من احتمال ذلك ولو احتمالا مرجوحا وكذا يحتمل ورود التقييد على تلك الاطلاقات فلا يزيد مفادها على الظن ففى الاستناد على المدعى ابطال الاصل الدعوى واما ثالثا فبانه لو سلم دلالتها على ذلك وجواز الاستناد إليها فيما ذكر فلا مانع من ورود التقييد عليها بعد ثبوت المقيد ومن البين ان القائل بحجية الظنون الخاصة أو مطلق الممظنة حين انسداد سبيل العلم فانما يقول به بدليل قطعي لما عرفت من عدم حجية الظن من حيث انه ظن من غير خلاف ظ فيه وظ انه بعد ثبوته بالدليل لا وجه للاستناد إلى الاطلاق ومنها ما دل عليه الاخبار المتواترة بل ضرورة دين الاسلام من ان حلال محمد ع ص حلال إلى يوم القيمة وحرامه حرام إلى يوم القيمة فان ذلك ينافى الاخذ بالادلة الظنية ضرورة ان الظن مما يتغير ويتبدل وحرم الله وحلاله مما لا تغير فيه ولا تبديل وقد قرر بعضهم هذا الوجه بهذه الصورة وهى ان كل حكم اجتهادى قابل للتغيير مناف للشريعة الاسلامية الابدية فينتج ان كل حكم اجتهادى مخالف للشريعة الاسلامية ووهنه واضح اما اولا فبانه منقوض بما يحكم الاخباريون لجواز الرجوع عن الحكم بالنسبة إليهم ايض كما إذا عملوا بالعموم ثم عثرو بعد ذلك على خبر بخيصصه أو فهموا اولا من الخبر ________________________________________