ج. الموضوعية: ومن أبرز عناصرها التجرد ونبذ التعصب والابتعاد عن القناعات السابقة والمواقف المبيتة والأحكام المعدة سلفاً خلال تنفيذ الحوار، حتى لو كانت أطراف الحوار على يقين مطلق بمعتقداتها ووجهات نظرها; فهذا التجرد يخلق جواً من الصدق في الوصول إلى الحقيقة كهدف نهائي للحوار، مهما كانت هذه الحقيقة، على النحو الذى يدعو فيه النبي(صلى الله عليه وآله)الآخرين (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين)[48] وهذه الدعوة هي قمة التجرد والاستعداد لتقبل نتائج الحوار مهما كانت وأينما كانت، رغم اليقين المطلق للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) بصحة معتقداته. يقول الفيض الكاشاني في حديثه عن شروط الحوار: أن يقصدبها إصابة الحق وطلب ظهوره كيف اتفق، لظهور صوابه وغزارة علمه وصحة نظره، فإنّ ذلك مراء منهي بالنهي الأكيد. ويضيف: «أن يكون في طلب الحق كمنشد ضالة، يكون شاكراً متى وجدها، ولا يفرق بين أن تظهر على يده أو يدي غيره، فيرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرّفه الخطأ وأظهر الحق»[49]. وهذا يعنى أنّ الموضوعية لا تلتقى مع هدف استعراض القابليات العلمية خلال الحوار، أو القدرة على امتلاك أدوات الجدل، أو التنكيل بالخصم. ومن شروط الموضوعية في منهج الحوار تقديم الدليل على الرأي والفكرة برهاناً على صحتها وصدقها: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)[50]. والشرط الآخر هو التقيد بالحقائق والأفكار التي يعتقدها الطرف الآخر، والاحتجاج بها، وفقاً لقاعدة «الزموهم بما ألزموا به أنفسهم»، وعدم الاحتجاج بما يفهم المحاور من حقائق الآخر، أو الاعتماد على ما ينقله الخصوم والأعداء، وهذا الشرط هو تتمة لمعيار التعارف ـ كما ذكرنا. د. اعتماد المشتركات: فلابد ـ ابتداءً ـ من اكتشاف الحقائق والمرتكزات المشتركة بين الطرفين; لتكون قاعدة رصينة يقف عليها المتحاورون، مقدمات واقعية ينطلقون منها للوصول إلى حقائق كلية: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم)[51]. 8. أسلوب الحوار: ويقصد به آداب الحوار وسلوكيات المتحاورين، وقدّمنا في