يتمثل هذا المؤثر في أجواء استفزازية أو انفعالية أو صاخبة، أو مؤثرات ناتجة عن أجواء التهويل; فيكون المتحاورون منساقين حينها وراء تأثيرات العقل الجمعي، ومن أمثلة ذلك ما ذكره القرآن الكريم من أجواء الانفعال والا ستفزاز التي كان المشركون يخلقونها للتأثير على مسير الحوار الذي يقوم به الرسول(صلى الله عليه وآله)، ولاسيما بعد اتهامه ـ والعياذ بالله ـ بالجنون، وهنا يطلب القرآن من الرسول(صلى الله عليه وآله) أن يدعوهم إلى نبذ هذا التهويل والصخب، والتأمل في التهم التي وجهوها له بغية استئناف الحوار في إطار الموعظة الحسنة ولكن بعد أن يتفرقوا ويبعدوا عنهم هذا الجوّ المصطنع : (قل إنّما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا مابصاحبكم من جنة)[39] ولا شك أنّ ذلك يترك أثره في خلق أجواء خاصة وتأثيرات نفسية هائلة على المتحاورين أو الحضور أو المراقبين. 6. زمان الحوار: وهو عنصر مهم في اختيار الموضوعات والأهداف ينبغي في تحديد زمان الحوار مراعاة ظروف أطراف الحوار من النواحي الاجتماعية والنفسية والا ستعداد العلمي، وظروف انعكاس الحوار على الآخرين، وأهمية موضوع الحوار زمانياً; فربما يكون لموضوع بعينه أهمية خاصة في زمان ما، ثم تعدم هذه الأهمية في زمان آخر. 7. منهج الحوار: وهو النظام الذي يسلكه الحوار وفقاً لمجموعة من القواعد العامة[40]. ومن بديهيات الحوار العلمي أن يكون منهجه واضحاً ومرسوماً سلفاً، ويفترض بأطراف الحوار أن تكون متفقة على قواعده; لكي يكون ملزماً لها جميعاً، كما تذكر الآية الكريمة: (أتجادلوننى فى أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما نزّل الله بها من سلطان)[41]، فهذه الأسماء أراد المشركون أن يفرضوها جزءاً من منهج الحوار، ولكنّها لا يمكن أن تكون ملزمة لمن لا يؤمن بهذا الجزء من المنهج. ونطرح هنا أهم معايير منهج الحوار العلمي في إطار الرؤية الثقافية الاسلامية. أ. التعارف والتوعية والمقصود منه تعرف كل طرف على حدود معينة من حقائق الطرف المقابل ومعتقداته وآرائه، من مصادرها نفسها، وليس من مصادر غيره، ولا سيما