أساس اللين والمرونة والتسامح: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر)[33]. فالله تعالى يأمر الرسول(صلى الله عليه وآله)بالتشاور مع من قد أساءوا إليه، بعد أن يعفو عنهم ويستغفر لهم كما أمر من قبل موسى وهارون(عليهما السلام): (اذهبا إلى فرعون إنّه طغى * فقولا له قولا ليناً لعلّه يتذكر أو يخشى)[34] ونقل المفضّل ـ أحد تلاميذ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)ـ حادثة تحمل دلالة قيمية مشرقة في هذا المجال: فخلال تحاوره مع أحد الزنادقة، تشنج الموقف وغضب المفضل عليه، فقال له الزنديق: إن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا يخاطبنا ولا بمثل دليلك يجادل فينا، ولقد سمع من كلامنا اكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا ولا تعدى في جوابنا، وأنّه الحليم الرزين العاقل الرصين، لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق، يسمع كلامنا ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا وظننّا أنّا قطعناه وغلبناه، دحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير، يلزمنا به الحجة ويقطع العذر ولا نستطيع لجوابه رداً فإن كنت من أصحابه فخاطبنا مثل خطابه»[35]. 2. موضوع الحوار: ينبغى قبل بدء الحوار تحديد نقاط الإبهام والاختلاف، والمادة التي يتعين التحاور فيها ليكون الموضوع واضحاً ومحدداً، فالحوار قد ينحرف باتجاهات أخرى ويكون مضيعة للوقت إذا تبيّن لأطرف الحوار أنّهم كانوا يتحاورون في موضوعين أو موضوعات مختلفة. وهذا العنصر أطلق عليه العلماء القدامي اصطلاح «تحرير محل النزاع» وقالوا بضرورة تشخيص أبعاد النزاع ليكون الاستدلال منتجاً وعدّوه شرطاً منطقياً لا حاجة للاستدلال عليه[36] ويفترض هنا لحاظ جميع الجوانب ذات العلاقة بالموضوع; فهناك جوانب مهمة قد لا تلحظ، ولكنها تترك أثرها على النتائج. 3. أهداف الحوار: تكمن قيمة الحوار في هدفيته، والمتمثلة في اكتشاف الحقيقة والتعرف عليها وبلورة شكلها ومضمونها، على اعتباران «الحكمة ضالة المؤمن». وهذا