ويمكن أن يجرى الحوار حتى خلال المعارك العسكرية، فضلا عن المعارك الفكرية والسياسية، بهدف إلقاء الحجة على الخصم، شرط ضمان عنصر التكافؤ في حرية الرأى، وإلاّ يكون حواراً من طرف واحد. وفي السيرة والتاريخ الإسلامي نماذج فذة من مواقف الحوار أثناء الحرب لإقناع الخصم ومحاججته في محاولة لتجنب ويلات الحرب وليكفى المسلمون شرها. ب. التسلح بالعلم والمعرفة في موضوع الحوار، فهو أساسي لدخول الحوار وكسبه موضوعياً: (ها أنتم هؤلاء حاججتم فى ما لكم به علم فلم تحاجّون فى ما ليس لكم به علم);[30] فالحوار الحقيقي ينبغي أن توضع له مقدمات موضوعية ويسير وفق أسس علمية ولا يتحقق هذا الجانب دون تخصص المتحاورين في موضوع الحوار واحاطتهم الكافية بحقائقه. ويضرب الله تعالى مثلا في من يحاور في أمر وجود الله ووحدانيته وهو لا يفقه شيئاً في هذا المجال (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير)[31]وحتى لو كان الحق مع الطرف الضعيف علمياً; فإنّ هذا الحق سيضيع بين ثنايا الجهل، وقد تترتب عليه آثار سلبية تؤدى إلى ظهور الباطل بمظهر المنتصر، ممّا يتسبب في تزييف الحقيقة وانحراف وجهات نظر عامة الناس. وإذا كان الهدف من الحوار تحقيق فائدة علمية، فينبغى كذلك أن تكون الأطراف ضليعة في مجال موضوع الحوار. وهنا يشترط الإمام الغزالي على طرف الحوار «أن يناظر مع من هو مستقلٌ بالعلم ليستفيد منه إن كان يطلب الحق»[32]. ج. التحلى بسلوكية لائقة، فالغضب والتشنج والتهريج والحقد والرياء والفرح بمساندة الطرف الآخر والاستكبار عن الحق، ستنزع من الحوار أيّة قيمة وتدخله في دائرة المنازعات والصراع، في حين سترفع الصفات المعاكسة كالهدوء والتروي وضبط النفس واللين والمرونة وعموماً التوازن في المشاعر، سترفع من مستوى الحوار إلى دائرة النجاح والتأثير وتحقيق أفضل النتائج. وهنا يبين الله تعالى لرسوله الكريم قاعدة عامة في التحاور مع الآخرين، تقف على