جميعاً)[8]، (و ما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً).[9] كما أنّه الصيغة التي تنسجم مع الفطرة بكل أبعادها وقيمها: (فطرت الله التى فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيِّم)[10]. وهو دين التكامل والحياة الحقة: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)[11]. والإسلام أيضاً هو الدين الذي يدعو إلى تشكيل دولة عالمية تقوم على أساس التوحيد، وتسعى لبناء القسط، ونشر العدل، وتحقيق مبدأ الشورى في شتّى نواحي الإدارة ونظم الحياة، ويضع نظاماً لقيادة عادلة رشيدة، ويعترف بالحرية الإنسانية الفكرية والشخصية والسياسية والاقتصادية، ولكن في اطر عادلة حكيمة تضمن بقاء الحرية دعماً لمسيرة التكامل، بدلا من تحولها إلى معول يهدم أركان هذه المسيرة، كما تضمن حقوق الإنسان كأروع ما يكون الضمان بعيداً عن الادعاءات الفارغة والتناقضات التي وقع بها «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، بالرغم مما فيه من جوانب إيجابية. ومن تلك الحقوق حق أتباع الأديان الأخرى التي تعيش في كنفه وتنعم بما يضمنه لها من قوانين تجعلها تحيى حياة ملؤها الأمان والرقي. كما أنّ الإسلام ـ بعد أن ينفي كل معايير التمايز المادية، من قبيل التمايز العرقي، واللوني، والمالي، والجغرافي، والمقامي وغير ذلك، يقيم بناءه الاجتماعي على أساس معايير الالتزام المبدئي، والعلم، والخدمة التضحوية في سبيل الإنسان (قل هل يستوى الذين يعلمون والّذين لايعلمون)[12]، (إن أكرمكم عندَالله أتقاكم)[13]. هذا في حين يركز على المحرومين والمستضعفين من الناس ويعمل على إنصافهم من ظالميهم المستكبرين، ويقاتل في سبيلهم حتى يستنقذ حقوقهم. وبالنسبة للسلام والأمن في العالم، نجد الإسلام ـ بمقتضى انسجامه مع الفطرة ـ يعتبر «الأمن» من نِعم الله الكبرى على الإنسان: (فليعبدوا رَبَّ هذا البيت * الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)[14]. ويعتبر الأمن العبادي من أرقى حالات الإنسانية التي وعد