التصور هو طموح نسعى إليه ويجب أن نعمل للتمهيد له[6]. حكومة السلام العالمية والتمهيد لها إنّ حكومة السلام العالمية هي حقيقة انسانية، كما هي حقيقية دينية وإسلامية; فالبشرية على مختلف معتقداتها وايدئولوجياتها تراهن على الزمن الذي تقوم فيه حكومة العدل العالمية، وهو رهان يستند على قاعدة الوعود التي تحتويها الفلسفات والأديان، والمتمثلة بحتمية استتباب السلام في أرجاء العالم في ظل حكومة تربط عدالة الأرض بتعاليم السماء. وهذه الوعود لاتقتصر على الإسلام فحسب برغم أنّ الإسلام يعطيها شكلا ومضموناً عقائدياً في غاية الوضوح، ويتحدث عنها كحقيقة تربط بين ماضي الإنسانية وحاضرها ومستقبلها، ويطلق على هذه الحقيقة اسم حكومة المهدي المنتظر، التي ستعم العالم أجمع، وتنشر العدل والقسط والسلام فيه وتقضي على كل ألوان الظلم والجور والعدوان. ومن هنا فقضية المهدي ترتبط بمصير الإنسانية جمعاء أو مصير الأرض برمتها، وحري بجميع سكان الأرض أن يجعلوها مادة للحوار فيما بينهم ونحن كمسلمين مكلفون بالتمهيد لعصر ظهور هذه الحكومة، وهو ما أطلقت عليه الأدبيات الإسلامية مصطلح «الموطّئون»[7]. ونطرح هنا مجموعة من المقدمات التي ينبغي لهؤلاء «الموطئين» توفيرها في إطار عملية التمهيد لتحقيق الحتمية الموعودة: 1. اعادة القيم المعنوية التي تدفع الإنسان باتجاه التخلص من معايير القيم المادية الأرضية، والتمسك بالقيم الروحية السامية، وهي مهمة تقع على عاتق كل الأديان والمعتقدات الروحية والإنسانية الصافية. 2. تركيز حالة الحوار بين الأديان، دون أن تقتصر محاوره على القضايا اللاهوتية، بل تتعداه إلى التعاون في جميع قضايا الإنسان، ومحاولة تلبية حاجاته المادية والروحية.