وغيرها. ولاشك أنّ لكل مجال أو مضمون من مضامين الحوار أساليبه ومناهجه المستنبطة من طبيعة موضوع الحوار نفسه. وأوّد هنا الإشارة إلى أنّ دعوة الرئيس السيد محمد الخاتمي للحوار بين الحضارات، جاءت تتويجاً للجهود الكبيرة التي قامت بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ تأسيسها; لتركيز حالة الحوار في كثير من مجالاته، ومنها الحوار بين المذاهب الإسلامية، والذي تجلّى بعشرات الندوات والمؤتمرات العالمية والكتب والدوريات وغيرها، وكذلك الحوار الفكري بين المفكرين الباحثين من مختلف بلدان العالم الإسلامي، وأيضاً الحوار بين الأديان، ولاسيما بين الإسلام والمسيحية بمختلف مذاهبها. ويزيدني فخراً أن أكون أحد الداعين لهذه المظاهر الحوارية والقائمين عليها منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً وحتى الآن. ولايفوتني هنا أن أُذكِّر بأنّ الإمام الخميني(رضي الله عنه) كان داعية الحوار الأوّل: إذ لم تقتصر دعواته على الحوار بين المسلمين، بل أنّه تجاوزها إلى الحوار مع غير المسلمين، بل ومع غير المتدينين، وأبرز مثال في هذا المجال هو رسالته إلى آخر رئيس للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، والتي فتح فيها باب الحوار مع الحضارات والمدنيات والقوى الدولية. ولكن الموت حال بينه وبين إكمال مشروعه في هذا المجال... تغمّده الله بواسع رحمته. الحوار مبدأ إسلامي من خلال نصوص القرآن الكريم والصحيح من الحديث الشريف، نجد أنّ الإسلام دعا ـ وبصيغ مختلفة ـ إلى الحوار. كما دعا إلى التعاون مع الآخر المختلِف دينياً، كمقدمة ضرورية للحوار، فالتعارف هو مدخل الحوار (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...)[2]. ويتمثل التعارف بدراسة كل طرف لمتبنيات وأفكار الطرف الآخر من مصادره نفسها، لتكون حجة عليه; فضلا عن تبادل المعلومات ولقاءات المجاملة; لتكون مقدمة للحوار.