عليها:(أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَاداً)[180]، (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبَها وَكُلُوا مِن رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[181]. هذا هو ظاهر الآية حسب دلالة الوضع وقرائن السياق. ولكن للإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) هنا بيان يمسّ جانب باطن الآية، ودلالة فحواها العامّ، قال (عليه السلام): «إذا فقدتم إمامكم فلم تروه، فماذا تصنعون؟»[182]. وعن الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «ماؤكم أبوابكم الأئمة، والأئمة أبواب الله (فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَعِين) أي يأتيكم بعلم الإمام»[183]. وقد كانت استعارة الماء المعين للعلم النافع، ولاسيّما المستند إلى الوحي من نبيّ أو وصيّ نبي أمراً معروفاً، فكما أنّ الماء أصل الحياة الماديّة، والموجب لإمكان المعيشة بسلام، كذلك العلم النافع، وعلم الشريعة بالذات، هو الأساس لإمكان الحياة المعنويّة في سعادة وهناء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)[184]. فهنا قد لوحظ الماء ـ باعتباره منشأ الحياة ـ في مفهومه العامّ الشامل للعلم، ليعم الحياة الماديّة والمعنويّة معاً. * * * وقوله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الأنسَانُ إلى طَعَامِهِ)[185] أي: فليُمعن النظر في طعامه، كيف مهّدته الطبيعة، وعملت العوامل في تهيئته، ليعرف مقدار فضله تعالى على العباد.