وفي ذلك سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الحديث الذي يروى: أنّ علياً (عليه السلام)قال: «أنا قسيم النار»، فقال أحمد: وما تنكرون من ذا؟ أليس روينا أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: «لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق»؟ قالوا: بلى، قال: فأين المؤمن؟ قالوا: في الجنّة، قال: وأين المنافق؟ قالوا: في النار، قال أحمد: فعليٌّ قسيم النار[176]. فالإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ هو الفاروق الأكبر الذي يفرق به بين أصحاب النعيم وأصحاب الجحيم. قال الإمام شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: «أخرج الديلمي بإسناده إلى أبي سعيد الخُدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤُولُونَ)[177] قال: مسؤولون عن ولاية علي». قال الهيتمي: «وكأنّ هذا هو مراد الواحدي بقوله: روي في قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤُولُونَ) أي عن ولاية علي وأهل البيت، لأنّ الله أمر نبيّه (صلى الله عليه وآله)أن يعرّف الخلق أنهّ لايسألهم على تبليغ الرسالة أجراً إلاّ المودّة في القربى، والمعنى: أنّهم يُسألون: هل والُوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النبي (صلى الله عليه وآله)، أم أضاعوها وأهملوها؟ فتكون عليهم المطالبة والتبعة!»[178]. * * * وقوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَعِين)[179]. كانت الآية في ظاهر تعبيرها ذات دلالة واضحة أنّ نعمة الوجود، ووسائل العيش والتداوم في الحياة كلّها مرهونة تحت إرادته تعالى، وفق تدبيره الشامل، ورحمته العامّة، والله تعالى هو مهَّد هذه البسيطة بجميع إمكاناتها; لإمكان الحياة