هذا وقد روى ثقه الإسلام الكليني بإسناده إلى زيد الشحّام قال: سألت الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) قلت: ما طعامه؟ قال: «علمه الذي يأخذه عمّن يأخذه»[186]. والمناسبة ظاهرة; لأنّ العلم غذاء الروح، ولابدّ من الحيطة والحذر في الأخذ من منابعه الأصيلة ولاسيّما علم الشريعة وأحكام الدين الحنيف. إلى غير ذلك من تأويلات متناسبة مع ظواهر الآيات، استنبطها ذوو العلم من الأئمة الهداة، ولدينا منها الشيء الوفير والحمد لله. نماذج من تأويلات هي مفهومات عامة مستخرجة من بطون الآيات! ولنذكر نماذج من تأويلات هي مفهومات عامة مستخرجة من بطون الآيات، والتي كانت رسالتها عامّة لكافّة الأجيال ولجميع الأعصار: يقول تعالى حكايةً عن لسان نبيّه موسى (عليه السلام)، بعد ما خرج من المدينة خائفاً يترقّب، وورد ماء مدين ووجد امرأتين تذودان، فسقى لهما، ثم تولّى إلى الظلّ يستريح وقد اشتدّ به الجوع: (فقال: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ)[187]. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «والله ما سأله إلاّ خبزاً يأكله»[188]. انظر إلى هذا الأدب الرفيع، يسأل ربّه شبع بطنه بهذا اللحن المتواضع، الكاشف عن شدّة ثقته بالله، وكمال الانقطاع إليه. وهذا من كمال العبوديّة، والتي يتَّسم بها عباد الله المخلصون.