هاء.. و«طس» لا تقرأ: طاء، سين.. وعلى هذا الغرار «كهيعص» و«حم، عسق» لاتقرأ الحروف مقطّعة تامّة. وكذا من ناحية إعرابها، فلا ترى في القراءات أيّ تنوين لها، فلو كانت هي من حروف الهجاء لنوّنت، ولقلنا بدلاً من «أَلِفْ، لامْ، ميمْ»: ألفٌ، لامٌ، ميمٌ، بالتنوين، وليس الحال ذلك. وعليه فهي ليست حروف الهجاء، ولا هي أسماؤها، بل وليست هذه الرموز حروفاً، على الإطلاق، وإنّما هي كلمات وجمل.. وبيّن ذلك ضمن ملحوظات جاء فيها: كانت اللغة العبريّة هي اللغة التي تنزّلت بها رسالات الأنبياء بعد إبراهيم الخليل (عليه السلام)، غير أنّ يوسف الصدّيق (عليه السلام) قد تربّى وعاش معظم حياته في مصر، فلابدّ أنّه قد أتقن اللغة المصريّة القديمة، وهكذا تربّى موسى كليم الله (عليه السلام) في مصر، فكان لغتها إلى جنب العبريّة هي لغة التبليغ. كما أنّ داود (عليه السلام) قد تأثّر في مزاميره بأناشيد إخناتون التي ترجمها، ممّا يدلّ على علمه باللغة المصريّة. ومن المعروف لدى كلّ علماء المصريّات الآن: أنّ المزمور رقم (104) لداود يكاد يكون ترجمة حرفيّة لترنيمات إخناتون في الوحدانيّة[650]. فهل كانت اللغة المصريّة في ذلك العهد هي لغة أهل الزمان، أو كانت لغة عالميّة لكلّ من أراد أن يُعبّر؟! ومن المعروف أيضاً أنّ النبيّ سليمان، حتّى ولو تكلّم العبريّة، إلاّ أنّ الحِكَمَ المأثورة عنه تكاد تكون أيضاً ترجمة حرفيّة لحِكَم الحكيم المصريّ أمنوبي[651]! فهل أتقن هؤلاء الأنبياء اللسان المصريّ آنذاك، أم كان هؤلاء المصريّون ـ إخناتون وأمنوبي ـ من الأنبياء، ممّن لم يقصصهم القرآن، أم نقلوا عن أنبياء