لا نعرفهم، أم اقتضت عالميّة اللغة المصريّة ذلك؟! حتّى نبيّ الله عيسى (عليه السلام) كان قد قضى طفولته في مصر، فلا مندوحة من التسليم أنّه كان يعرف اللسان المصريّ آنذاك، والمعروف لنا الآن باللغة القبطيّة. فلمّا عاد إلى فلسطين بلّغ بلهجة من لهجات العبريّة، ربّما اللهجة الآراميّة، حتّى أنّ أحد حواريه «مرقص» الذي كُلّف بنشر الدعوة في مصر، وأسّس الكنيسة المرقصيّة بها ـ والتي مازالت حتّى الآن هي مذهب القبط ـ لابدّ أن يكون قد عرف اللسان المصريّ.. وهناك قضايا أخرى، مثل: مصريّة سيدنا إبراهيم، وسيدنا لوط (عليهما السلام)، أو نقول: إنّ نوحاً (عليه السلام) كان مصريّاً.. ومن ذلك كلّه تُستنتج حقيقة تاريخيّة خطيرة، هي: أنّ اللغة المصريّة القديمة، والمعروفة الآن تحت مسمّى «اللغة الهيروغليفيّة» كانت لغة عالميّة، وكانت لسان العصر لكلّ من أراد أن يعبّر أو يكتب أو يتكلّم.. ربّما لانبالغ إن قلنا: حتّى بعثة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله)! وأيضاً فإنّ بعض هذه الرموز التي تصدّرت بها بعض السور القرآنيّة، مثل: (ق)، (ص)، (ن) لها شكل مميِّز شبيه بصورة الأفعال في اللغة المصريّة القديمة، وبالذات إنّها لاتحمل نهايات في آخرها، ولاتتغيّر مع تغيّر الفاعل أو المفعول به، فإنّ لها صورة واحدة هي صورة المفرد المذكّر، حتّى وإن اختلف فاعلها من حيث التذكير والتأنيث، أو الإفراد والتثنية والجمع. وهذه من خصائص اللغة المصريّة القديمة، نلمسها بوضوح في هذه الرموز.. ونجد أنفسنا تسلّم بأنّها كلمات من اللغة المصريّة، لما وجدناه من تشابه كبير من سمات تلك اللغة. قال: والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بكلّ إلحاح: ما هي علاقة اللغة المصريّة القديمة: أوّلاً باللغة العربيّة، وثانياً بالجزيرة العربيّة، وثالثاً وأخيراً بلغة القرآن الكريم ونصوصه؟! قال: وللإجابة على هذه التساؤلات نقول: