وتشريع، فربّما اقتطف من قصص الماضين مواضع العبر منها، كما اقتصر على بيان أصول التشريعات، وأحال التفصيل إلى بيان الرسول، وغير ذلك من أسباب أوجبت إجمالاً أو إبهاماً في طرف من آي الذكر الحكيم، الأمر الذي يقوم بتبيينه وتفصيله المفسّر المضطلع الخبير. وأوّل المفسّرين هو النبيّ الكريم (صلى الله عليه وآله)، حيث قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[437]. قال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديثه مع أبي بصير، حيث سأله عن ترك التصريح باسم أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، قال: «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة، ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً أو أربعاً، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة، ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم، حتّى كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزل الحجّ فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعاً، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم.. وهكذا قوله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ).. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي بيّن وأوضح من صفات وسمات أولياء الأمور..»[438] الكهانة في مجال التأويل: ولعلّ ما ذهب إليه القائل بخلوّ العبائر عن المعاني سوى ما أدلى به المفسّرون، لعلّه ناظر إلى ما تداوله أهل الدمدمة والزمزمة من أصحاب الكهنوت، كانوا يُدلون بعبارات ذوات إبهام وإيهام، فليذهب المستمع في تفسيرها وتأويلها حيث شاء أو يرتاح وفق مشتهاه! والكهانة: عرافة جاهليّة كانت دارجة في أوساط قبائليّة قاحلة، زعموا منها