مسألة الجري والتطبيق: ومن هنا نشأت مسألة الجري والتطبيق، أي الأخذ بتأويل الكلام إلى مفهومه العامّ، ثمّ تطبيقه على موارد بالذات. وهذا كأكثر ما ورد من تطبيق عناوين واردة في الآيات، على موارد خاصّة، قد يحسب البعض أنّه تفسير، في حين أنّه تأويل بالآية إلى مفهومها العامّ، ثمّ تطبيق ذلك العامّ المستخرج من بطن الآية، على مورد بالذات، باعتبار أنّه أحد مصاديقه، أو مصداقه الأتمّ. مثلا: ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) ذيل آية (فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)أنّه قال: «نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون»[430]. قال المحقّق الفيض الكاشاني: «المستفاد من هذا الحديث: أنّ الآية نزلت خطاباً مع المؤمنين لا المشركين.. إذ لا معنى لتكليف المشركين بالسؤال من أئمّة المسلمين فيما تشكّكوا فيه من أمر الرسالة»[431]. لكنّه (رحمه الله) غفل عن أنّه (عليه السلام) أخذ من الآية مفهومها العامّ أوّلا، ثمّ طبّق ذلك المفهوم العامّ على أئمّة المسلمين، باعتبارهم أتمّ مصاديقه، لا أنّهم المراد بالآية بالذات. وهكذا في آية الخمس، حيث قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)[432]. فقد وردت الآية بشأن غنائم الحرب، غير أنّ المستفاد منها ـ بعد إلغاء الخصوصيّات ـ أنّ الخمس فريضة في كلّ فائدة يربحها الإنسان من تجارة أو صناعة أو زراعة، وغير ذلك من عوائد المكاسب، بعد وضع المُؤَن.