البدائي، ومن ثمّ كانت معرفة الفضاء الذي صدر الكلام في ظلّه ضرورةً لإمكان فهم النصّ فهماً صحيحاً، ومستنداً إلى ضوابط معرفة الكلام. هذا، ولاسيّما النصّ القرآني كانت له شاكلته الخاصّة، هي شاكلة خطاب لا شاكلة كتاب[418]، وأسلوب الخطاب يعتمد أحياناً وربّما أكثرياً على شواهد الأحوال ـ وهي المناسبات التي استدعت صدور مثل هذا النصّ ـ ممّا يقضي بضرورة الوقوف عليها; لإمكان فهم النصّ والبلوغ إلى مغزاه. فالاكتفاء بمدلول النصّ اللغوي، بعيداً عن ملاحظة شواهد الأحوال والمناسبات المعاصرة لنزول القرآن مجازفة خطيرة، ربّما أدّت إلى التحميل على القرآن، وكونه تفسيراً بالرأي. لغة الوحي ومسألة قراءة النصّ: هناك رابطة ذاتيّة بين معرفه لغة الوحي ومسألة تأويل النصّ. وهل كان هناك إجمال أو إبهام في لغة الوحي ليعتوره تداور وتدافع في فهمه، أم كان هناك جلاء ووضوح في البيان، كان يسهل تناوله، ويُسبرغوره لدى التدبّر والإمعان؟! لاشكّ أنّ لغة الوحي لغة العرف العامّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُول إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)[419]، ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[420]، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِر)[421]، (قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَج لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)[422].