أمّا كونه ذات عين خارج الذهن وملموساً بالحسّ كما حسبه ابن تيمية، أو ذات عين بسيطة خارج الألفاظ والمفاهيم كما تصوّره سيّدنا العلاّمة الطباطبائي، فهذا وذاك قد يبدوان غريبين عن المتفاهم المألوف لدى السلف والخلف. وسيوافيك الكلام عن ذلك. لماذا في القرآن من متشابه؟ يعود ذلك إلى طبيعة لغة العرب، حيث إنّها ذات أوضاع ضيّقة النطاق، لا تفي بإفادة المفاهيم الراقية والمتّسعة سعة الآفاق، فجاءت التعابير القرآنية ـ في مثل هذه المعاني ـ مستعاراً فيها، وبضرب من التشبيه والتمثيل، ليأخذ القاصر بظاهر التعبير، وربّما يتغافل عن واقع المراد. على أنّ هناك لمّة وافرة من متشابهات عرض لها التشابه فيما بعد، وعلى أثر تزاحم الجدل العقائدي بين أرباب المذاهب الكلاميّة في القرنين الثاني والثالث، في حين أنّها كانت ناصعة جليّة المفاد من ذي قبل. فمثلاً قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق)[19] جار وفق أساليب العرب في التكنية عن شدّة الأمر وأخذ الجدّ فيه، بالتشمير عن الساق، قال قائلهم: وقامت الحرب بنا على ساق[20] يريد: شدّة سعارها وحدّة أوارها، كما قال ابن عبّاس في تفسير الآية: «هي كناية عن كرب وشدّة وهول المطّلع في ذلك اليوم العصيب»[21]. وهكذا فسّرها قتادة