التأويل نوع تفسير: وعليه، فالتأويل ـ في باب المتشابهات ـ نوع تفسير يضمّ إلى رفع الإبهام عن وجه الآية، دفع الإشكال عنها أيضاً; ليكون رفعاً ودفعاً معاً. إذ أنّ التفسير هو كشف القناع عن اللفظ المشكل، أي: رفع الإبهام عن وجهه، والإبهام قد لايكون عن شبهة، وإنّما يكون عن غموض في التعبير أو إجمال في البيان، لاسيّما والقرآن نزل حسب مناسبات وأسباب مستدعية لنزول وحي لعلاجها، فلا محالة كانت الآية ـ بلسان تعبيرها ـ ناظرة إلى تلك المناسبة أو السبب، فما لم تُعرف المناسبة، ولم يُعلم سبب النزول، لم ينكشف وجه المعنى تماماً. وكذا أكثريّة آيات الأحكام ـ بما أنّها نزلت لبيان أصول التشريع الإسلامي ـ فإنّها مجملة المفاد، وإنّما يفصّلها ويُبيّن تفاصيلها تبيين الرسول (صلى الله عليه وآله)[17] وخلفائه الكبار[18]. فما لم يُراجع السنّة الشريفة، لايرتفع الإجمال من وجه الآية، وهكذا غير ذلك من أسباب الإجمال في تعابير القرآن، ويكون من وظيفة المفسّر الخبير أن يقوم برفعها حسبما أُوتي من حول وقوّة. وأمّا تأويل المتشابهات فهو مضافاً إلى كونه عمليّة الكشف ورفع الإبهام عن وجه الآية، فإنّه في نفس الوقت يعني بدفع الشبهة أو الشبهات المثارة حولها أيضاً. فهو أخصّ من التفسير ونوع منه. وهكذا التأويل بمعنى الكشف عن المفهوم العامّ الخابئ وراء ستار اللفظ، نوع تفسير يعني بالمفاهيم الباطنة، والتي تشكّل رسالة الآية الخالدة، يكشفها المفسّر المضطلع الخبير، حسبما يأتي الكلام عنه. إذن فالتأويل بكلا المعنيين، هو نوع تفسير يعود إلى عالم المفاهيم، وموطنها الذهن، يتجلّى باللفظ والتعبير، وبالكتابة على الصحائف.