قال ابن عربي: «الذي ينبغي من الكلام هو أن لا يُقدَّر فيه محذوف إلاّ عند الحاجة إليه ولابدّ، لاختلال في المعنى بدونه.. وأن لا يُنتَقل في الكلمة من الحقيقة إلى المجاز إلاّ بعد عدم إمكان حملها على الحقيقة»[319]. قال: «وكلام العرب مبنيّ على الحقيقة والمجاز عند الناس وإن كنّا خالفناهم في هذه المسألة بالنظر إلى القرآن، فإنّا ننفي أن يكون في القرآن مجاز، بل في كلام العرب[320] عند المحقّقين من أهل الكشف والشهود. وأمّا من حيث النظر والاعتبار فيجري مجرى العرب في كلامها من استعارات ومجاز، بأدنى شبهة وأيسر صفة، ففي القرآن من هذا القبيل كثير; إذ القرآن نزل على لغة العرب، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «وإنّما أنزل القرآن بلساني لسان عربيّ مبين..» قال: «وعلى هذا يفرّق بين التفسير على الحقيقة لأهل الكشف والشهود، فلا مجاز عندهم، وبين التفسير لأهل النظر والاعتبار بالأفكار، فهو على مجرى لسان العرب، فيكون فيه المجاز»[321]. وقد راقت بعضهم روعة هذا الكلام ـ فيما حسبوا ـ وراحوا يحاولون إنكار وجود المجاز في القرآن. قال قائلهم: نعتقد أنّ جميع التعابير الواردة في القرآن تعابير حقيقيّة، تعبّر عن معانيها الأصيلة، لاتجوّز فيها ولا استعارة ولا تخييل[322]; نظراً لأنّ القرآن نزل هداية للناس، فيجب أن يكون ذا دلالة ظاهرة، لا غموض فيها ولاتعقيد ذاك الغموض والتعقيد الذي يستدعيه المجاز والاستعارة..» ثمّ أخذ يعدّد محاذير القول بوجود المجاز في القرآن. منها: أنّ احتمال المجاز في القرآن يوجب سقوطه عن الحجّيّة، حيث الإبهام في