تعالى..» قال: «وهذه شبهة باطلة، ولو سقط المجازُ من القرآن، سقط منه شطر الحُسْن; فقد اتّفق البُلَغاء على أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة..»[315]. وكما قال الشيخ عبـد القاهر الجرجاني: «قد أجمع الجميع على أنّ الكناية أبلغ من الإفصاح، والتعريض أوقع من التصريح، وأنّ للاستعارة مزيّة وفضلا، وأنّ المجاز ـ أبداً ـ أبلغ من الحقيقة»[316]. والمناقشون في هذا المجال هم فريقان: فريق أهل الظاهر، حيث استعظموا التجوّز بالتأويل في صفات الذات المؤدّي إلى نفيها في المآل، وفريق أهل المعنى، حيث يرون من بيانات القرآن كلّها حقائق راهنة ثابتة في الأعيان، لا مجاز فيها ولا استعارة ولا تخييل. أمّا الفريق الأوّل فيتزعّمهم أبو العبّاس أحمد بن عبد الحليم ابن تيميّة (ت 728 هـ ) وشايعه على ذلك كبار تلاميذه والمقتفون لأثره السلفيّون.. قال الشنقيطيّ[317]: «قال قوم من المالكيّة والشافعيّة والظاهريّة: لا يجوز أن يقال في القرآن مجاز.. وبالغ في إيضاح المنع، الشيخ أبو العبّاس ابن تيميّة، وتلميذه ابن قيّم الجوزيّة (ت 751هـ )..» قال: «وأوضح دليل على منعه: أنّ المجاز يجوز نفيه.. ولاشكّ أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن.. ولأنّه يؤدّي إلى القول بتعطيل الصفات بشأنه تعالى. وغير ذلك من التوالي الفاسدة..»[318]. والفريق الثاني يترأسّهم أبو عبدالله محمّد بن علي بن محمّد ابن عربي صاحب الفتوحات ت 638هـ ). وقد تبعه على ذلك جماعة ممّن سمّوا أنفسهم أهل التحقيق.