وعلى هذا الغرار نجد البعض الآخر يتّهم القائلين بالتوسّل، أو الشفاعة، أو القسم بغير الله... بالشرك; لأنّه لازم لهذا القول، وهلمّ جرّا. إنّ المناقشة العلمية الهادئة أمر مطلوب، ولسنا مع إغلاق باب البحث الكلامي مطلقاً، بل المنطق يقتضي فتحه، ولكنّنا ندعو للمناقشة المنطقية، فلاننسب للآخر ما لم يلتزم به، وما دام لا يؤمن بالملازمة بين رأيه والرأي الآخر، فإنّنا نلتمس له العذر، وبهذا نستطيع أن نغلق باباً واسعاً من الاتّهامات الممزِّقة. الخامس: التعامل باحترام عند الحوار ذلك أنّنا نعلم أنّ الحوار هو المنطق الإنساني السليم في نقل الفكر إلى الآخرين، وأنّ القرآن الكريم طرح نظريةً رائعةً للحوار المطلوب، تناولت مقدّمات الحوار وظروفه وأهدافه ولغته بشكل لا مثيل له، وكان ممّا تناوله مسألة الاستماع للآراء واتّباع أحسنها، ومسألة عدم التجريح، حتّى أنّ الآية الشريفة تقول: (قُل لاَتُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَنُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[53] في مجال توجيه حوار الرسول مع غير المؤمنين بالإسلام، وإبعاده عن مسألة إثارة حزازات الماضي والاتّهامات المتبادلة فيه، والتوجّه لمنطقية الحوار نفسه، وهي تراعي حتّى التعبير، فلم تقل: «ولا نسأل عمّا تجرمون»; احتراماً للطرف الآخر، مع أنّ السياق اللفظي كان يتناسب معه. فكيف بنا ونحن نتحاور كمسلمين متّفقين على المبادئ التي أشرنا إليها في إشارتنا لأُسس عملية التقريب؟! هذا وقد جاء في الحديث: «بحسب امرئ من الشرّ أن يحقّر أخاه المسلم»[54]. السادس: تجنّب الإساءة لمقدّسات الآخرين والحقيقة هي أنّ هذا الأمر يتّبع المبدأ السابق، بل هو في الواقع أولى منه، لأنّه يخلق جوّاً عاطفياً معاكساً، ويفقد الحوار توازنه المطلوب. وقد رأينا القرآن ينهى عن هذه الحالة، فيقول تعالى: (وَلاَتَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[55].