الأول: التعاون في ما اتّفقنا عليه والمتّفق عليه في مختلف المجالات كثير جدّاً، فللمذاهب الإسلامية مساحات مشتركة كثيرة، سواء كانت في الأصول العقائدية أو في المجالات التشريعية[47]، أو في المجالات الأخلاقية حيث التوافق يكاد يكون كاملاً، وكذلك في مجال المفاهيم والثقافة الإسلامية، وحتّى في المسيرة التاريخية والحضارية، طبعاً في مفاصلها الرئيسية رغم الاختلاف في تقييم المواقف المعيّنة. أمّا المواقف العملية فهم يتّفقون جميعاً على لزوم توحيدها عبر التكاتف والتكافل الاجتماعي، وعبر وحدة القرار الاجتماعي الذي تتكفّله جهة ولاة الأمور الشرعيّين. ولا ريب أنّ التعاون في المشتركات الفكرية يعني التعاضد في تركيزها في الأذهان، وتجنّب كلّ ما يؤدّي إلى نقضها، وبالتالي تعميقها في مجمل المسيرة. أمّا التعاون في المجالات المرتبطة بالسلوك الفردي والاجتماعي والحضاري فواضح، وتنضوي تحته المجالات الحياتية المختلفة من قبيل: تطبيق الشريعة الإسلامية، تعظيم الشعائر الإلهية كالجمعة والحجّ، وتحقيق خصائص الأمة الإسلامية كالوحدة... وهكذا. وهنا نشير إلى أنّ حركة التقريب يجب أن تبذل قصارى جهدها لاكتشاف المساحات المشتركة هذه، وتوعية الجماهير، وأحياناً تضطرّ إلى توعية النخبة أيضاً بها، كما تعمل على توسعة نطاق هذا الجانب المشترك عبر الإشارة مثلاً إلى كون النزاع والخلاف لفظياً لا جوهرياً، أو عبر التوعية بأسلوب ثالث يشترك في المختلفان. الثاني: التعذير عند الاختلاف فما دمنا نؤمن بانفتاح باب الاجتهاد، وهي الحالة الطبيعية التي لايمكن إغلاقها بقرار، وما دامت أسباب اختلاف النتائج الاجتهادية قائمة وطبيعية، فمعنى ذلك الرضا باختلاف الآراء والفتاوى. ومن الجدير بالذكر هنا أنّنا لانجد نهياً إسلامياً عن الاختلاف في الآراء، وإنّما ينصبّ