رابعاً: الالتزام بأنّ الإسلام سمح لعملية الاجتهاد، باعتبارها عملية «بذل الوسع لاستنباط الحكم الشرعي من مصادره» أن تكون هي الموصلة لمعرفة الإسلام. كما أنّها تلعب دورها في تأكيد مرونة الشريعة وقدرتها على استيعاب التطوّرات الحياتية; طبقاً لمعايير وضوابط معيّنة. وهذا يعني بالضرورة إمكان إيجاد الصلة بين مختلف النتائج التي أدّى إليها الاجتهاد، وبين الإسلام حتّى لو كانت مختلفة ومتضادّة فيما بينها، وذلك لاختلاف الأفهام وزوايا النظر والقناعات[44]. وإنّنا نرى أنّ الإسلام إذ سمح بذلك فلأنّه دين واقعي فطري، فلا طريق لمعرفة أيّة شريعة ممتدّة على مدى العصور، ينقطع وحيها، ويموت معصومها، إلاّ طريق الاجتهاد، رغم أنّ هذا الطريق يبتلى أحياناً بالذاتية، ويفرز آراء متخالفة قد لايطابق بعضها واقع المراد الإسلامي في علم الله تعالى. كما أنّنا نجد أنّ هذا الأسلوب المنطقي يعمّ استنباط كلّ الأمور; كالعقائد والمفاهيم[45]والأحكام، بل وحتّى المواقف الإسلامية من بعض القوانين الطبيعية. خامساً: أنّ مبدأ «الوحدة الإسلامية» يعبّر عن خصّيصة مهمّة من خصائص هذه الأمة المباركة، وبدونها لا يمكن لها أن تدّعي اكتمال هويتها. وقد وضع الإسلام خطّةً متكاملةً لتحقيق هذه الوحدة; بانياً لها على أساس الاعتصام بحبل الله المتين[46]، ومؤكّداً على وحدة الأصل والخلق، ووحدة الهدف، ووحدة الشريعة والمسير داعياً إيّاها للدخول المجموعي في إطار التسليم الكامل لله، ونفي خطوات الشيطان، ومذكّراً بآثار الوحدة، وغارساً الأخلاقية وعناصر التضحية بالمصالح الضيّقة في سبيل الهدف العام، حاذفاً كلّ المعايير الممزّقة; كاللغة والقومية والوطن والعشيرة واللون، مزكّزاً على المعايير الإنسانية، كالعلم والتقوى والجهاد، ومؤكّداً على لزوم تحرّي نقاط